إلى أمي الذي داهمها الوجع .. في عيدها أتمنى أن يسقيها الله الصحة والعافية
أمي ..
كيف لي أن أزرع شتلات النعناع بين أصابعك كي تستطيعين فرد يدك دون وجع ..
كيف لي وقد جاء الربيع أن أمد أزرار الورد في تفاصيل جسدك فتُبلسمه وهي تتفتح فيتراقص لها دون أن يعييه الألم ..
ذلك اليوم عندما جلست لأقلم أظافرك ... كانت المرة الأولى التي تتوقف فيها يداك عن العمل عن طهي الطعام وتنظيف أمكنتنا وسقي أشجار حواكيرنا ..
ما أوجع اللحظات التي يتحول فيها الشجر من مداعبة الشمس ليصبح رهين أمنية أن يظل ثابتا في التراب .. فلا يبقى وقت لبسط الظلال ولا لمداعبة النسمات ولا لاعتناق أصوات الطيور ... فلم يعد الوقت يكفي إلا للاستمرار متمسكا مع تلك الجذور .. أوليس التراب هو المنبت الوحيد حتى في كل مانفعله فوقه..
ماري الجميلة .. وردة الروح التي كانت رفيقة والدي الذي رحل الى السماء .. الرجل الذي أحبها .. وعرف كيف يستنهض في روحها الجمال لتبدو بهية كقمر .. رقيقة كغيمة .. جميلة كوطن .. لطيفة كزهرة بربهان .. نقية كنبع .. بديعة كحقل قمح .. كريمة كرغيف خبز في أزمنة الجوع .. قوية كسنديانة .. حساسة كياسمينة .. غنية كسنبلة ... حرّة كطير .. حلوة كعسل الخوابي ..
ماري .. أمي التي تتكئ على روحي الآن .. هي ستظل قوية كي تحمل هذه الروح وتمضي بها في الدروب القادمة فتجنبها أوجاع الانكسار .. ترافقها في المحطات فلا تنهزم عن الاستمرار..
ماري أمي .. تُسيج لي وطني فلا أنهك من وجعه ولا أستسلم عن اعتناق ترابه وشمسه وشجره
ماري .. أمي تملأ بوجهها الأبيض قرص القمر كاملا .. وتشغل بقلبها مطر الغيم .. وتمنح الحقول زرعها البهي ..
حبيبتي ماري منذ أن رحل والدي وأنا بت أسمع صوتك بلون النفسج تتناثر منه موسيقا الله عذبة تحيي القلب وتؤنس الروح
أدعو الله أنك ستكونين بخير وأن جسدك النحيل سيقوى على المواجهة بشفاعة كل ماغرسته يداك في التراب .. فنبت وردا وزرعا وثمراً
هيام علي
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=152&id=186967