مخاطر الصيد الجارف في الساحل السوري
سيرياستيبس :
معاناة حقيقية يعيشها صيادو الساحل وغيرهم مع انقطاع أرزاقهم وتدمير البيئة البحرية نتيجة مراكب الصيد الجارف التي تعمل في الساحل السوري، مضافا لها الديناميت وجاروفة البر والفرنيزة ما تسمى الاوكسجين الاصطناعي.
وفي لقاء خاص مع مجلة ربان السفينة، أكد رئيس نقابة صيادي جبلة السيد سميح أن شاطئ مدينة جبلة يتمتع بخاصية نوعية باعتبار أنه رملي وموطن أنواع مميزة من السمك، ولكن للأسف انقرضت أنواع كثيرة، بسبب مراكب الصيد الجارف التي تعمل بشكل مخالف لكل قرارات الدولة التي تمنع الجرف في المياه الداخلية، وحصرا يكون عملها في المياه الدولية. وأكد نقيب الصيادين ان أهالي جبلة يشاهدون بأم العين يوميا مراكب الجرف تعمل على أعين الجميع وفي الليل والنهار بشكل يدمّر البيئة البحرية، ناهيك عن تخريب معدات وشباك الصيادين.
تساءل صيادو جبلة ما إذا كانت قرارات الحكومة واضحة بمنع الجرف، ومراكب الجرف تعمل علنا وعلى مرأى من الجميع، لماذا لا يتم تنفيذ هذه القرارات؟
وأضاف نقيب الصيادين أن القانون ينص على أن مراكب الجرف مرخصة للعمل في المياه الدولية حصرا، والقرارات واضحة، ومنذ سنوات طويلة تعمل هذه المراكب يوما بعد يوم حتى استهلكت البيئة البحرية وانقرضت أنواع كثيرة من السمك موطنها الشاطئ السوري وبدأت تظهر أنواع جديدة غازية قادمة من مناطق البحر الأحمر وغيره.
"تضر مراكب الجرف القاعي بالثروة السمكية والحياة البحرية عموما، كما أن الساحل السوري لا يحتمل هذا النوع من الصيد بسبب قرب الرصيف القاري من الشاطئ، وأنه في حال استمر الوضع على ما هو عليه سيؤدي ذلك إلى تصحر المياه الإقليمية لدينا." يذكر أن التحذيرات من مخاطر الجرف القاعي تعود لسنوات، والجميع يدرك مخاطر هذا النوع من الصيد، وما يسببه من تدمير وتفتيت للبيئة الصخرية الشاطئية، إلى جانب استنزاف الثروة السمكية، والقضاء على بيوض الأسماك، وفي الوقت الذي يفترض أن تتراجع هذه الظاهرة تزداد.
ويعتبر نقيب الصيادين أن الموضوع خطير جدا ويستحق اتخاذ إجراءات فورية لحماية الثروة السمكية والبيئة البحرية في الشواطئ السورية.
وفي تصريح خاص لمجلتنا قال الصياد حسن إن هناك الكثير من الحوادث التي تقدم عليها مراكب الجرف منها الصيد نهارا على بعد قليل من الشريط الساحلي في المياه الشاطئية والضحلة، وهناك حوادث لا تعد ولا تحصى عن إقدام مراكب الجرف بجرف شباك الصيادين واتلافها من دون رقيب او حسيب.
وأضاف حسن: "هناك ملاحظة تستحق المراجعة وهي أن قطاع الصيد بشكل عام تابع لوزارة الزراعة وكان يحصل على دعم محروقات ونصيب ميناء جبلة أقل حصة مخصصات في كافة موانئ سوريا. إلا أنه بعد رفع الدعم عن المحروقات، توقعنا توقف مراكب الجرف لأنها تمتلك محركات ضخمة جدا معظمها محركات شحن مقطورات ضخمة مثل فولفو D120، وهذه الجرافات الستة العاملة مقابل قطاع جبلة تخرج بشكل دوري من الصباح وتعود في المساء من موانئ اللاذقية حتى عرب الملك، أي مقابل قطاع جبلة من الشمال الى الجنوب."
ويقدر كلفة كل رحلة إبحار للمركب بين 300 و 400 لتر مازوت يوميا وغيار زيت ومصافي نتيجة العزم الكبير على المحرك نتيجة الجرف، 50 لتر زيت شهريا وعشر قوالب ثلج وتكاليف 7 بحاره من طعام وحاجات يومية. هذا بالإضافة إلى صيانة يومية للمراكب أي كلفة رحلة كل مركب أكثر من عشرة ملايين يوميا وبالتالي ستكون رحلاته خاسرة إلا إذا كان يحصل على كميات المحروقات بأسعار مدعومة وبطرق ملتوية. لذا فإن كلفة المراكب الستة في رحلة الصيد تفوق الألفين لتر مازوت يوميا أي ما يعادل خلال أسبوع مخصصات ميناء كامل مثل ميناء جبلة.
تؤكد المديرية العامة للموانئ (السلطة البحرية السورية) أن مراكب الجرف في سوريا المرخصة عددها خمسة ويمنع القانون هذه المراكب من العمل في المياه الداخلية وإنما يقتصر عملها حصريا في المياه الدولية. وقد نشرت المديرية على صفحتها فيسبوك إعلانا تحذر فيه من تداعيات الصيد باستخدام شباك الصيد المخالفة، والديـنامـيت على طول الساحل السوري، وتدعو لتعاون المواطنين معها وإعلامها عن أي حادثة مخالفة وخصصت أرقام هاتفية للإبلاغ عن اي مخالفة.
من جهتها، دخلت الهيئة العامة للثروة السمكية في سوريا على خط القضية، حيث أعلنت أن عناصر الحماية في الهيئة العامة للثروة السمكية والأحياء المائية في المحافظات ستقوم بتسيير دوريات على المياه العامة بمؤازرة قوى الأمن الداخلي لضبط كل أشكال الصيد للثروة السمكية، وسيتم وضع دوريات على الطرق لمصادرة السيارات الحاملة والناقلة لزوارق الصيد وكل معدات الصيد المحمولة إضافة لتنفيذ جولات على محلات ومنافذ بيع الأسماك، علما أن الجميع قد وقّع على تعهد بعدم بيع الأسماك الناتجة عن الصيد خلال فترة المنع وسيتم مصادرة الأسماك المباعة ويمنع منعا باتا نقل الأسماك ضمن وبين المحافظات دون رخصة لنقل الأسماك.
وأضافت الهيئة أنها تهيب بالصيادين الإلتزام وعدم مزاولة الصيد علما أن كافة أشكال الصيد خلال فترة تفريخ الأسماك ممنوعة، وخاصة الصيد باستخدام الصعق الكهربائي والسموم والمواد الخانقة والمتفجرات، وأي حالة سيتم ضبطها ستحال للقضاء علما أن العقوبات صارمة وشديدة.
تم السماح لقوارب الصيد الدولي في العمل في المياه الإقليمية لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد في عام 2020، هذا القرار اعتبرته جمعية الصيادين في اللاذقية مجحفا بحق الصيادين الصغار والمراكب الصغيرة والمياه الإقليمية والثروة السمكية على حد سواء، حيث ترى الجمعية أن المراكب الكبيرة المجهزة للعمل في المياه الدولية لديها معدات حديثة، ويمكنها سحب كل الأسماك المتواجدة في المياه الإقليمية ولن يتبقى سوى النذر اليسير للمراكب الصغيرة والبسيطة.
تم السماح لمراكب الصيد الجارف بالعمل بالشروط نفسها المطبقة على المراكب العاملة في الجرف وفق الدراسة العلمية التي تجريها الهيئة حالياً، لا سيما العمل في المنطقة B من تاريخ الموافقة ولغاية 31/1/2020 بعدها تم الانتقال للعمل في المنطقة C من 1/2 ولغاية 15/4/2020 ثم التوقف خلال فترة منع الصيد من 16/4 ولغاية 31/8 من العام نفسه والصيد على مسافة عند الشاطئ لا تقل عن (6) أميال وعمق لا يقل عن 250م على أن تبدأ عملية الصيد من الشروق وتنتهي عند الغروب من اليوم نفسه وعلى أن تكون المراكب في ميناء الصيد بعد ساعة من الغروب بالنسبة للمنطقة B وبعد ساعة ونصف من الغروب في المنطقة C والالتزام بالكوريدور البحري للوصول إلى مناطق الصيد المحددة أثناء الذهاب والعودة والتقيد بفتحات الشبك 25مم.
أما بالنسبة للمراكب العاملة بالشنشيلا فيتم العمل فيها وفق الشروط الواردة في القرار 53/ت/ لعام 2003 الناظم للعمل بواسطة شباك الشنيشلا وذلك بالصيد على أعماق لا تقل عن 40 مترا بالنسبة للشباك الكبيرة التي يتراوح ارتفاعها بين 50-100 متراً ولا تقل عن 25 متراً. أما بالنسبة للشباك الصغيرة التي يقل ارتفاع شباكها عن 50 متراً شريطة عدم ملامسة الشبكة القاع بأي حال من الأحوال ويحدد وقت العمل من الغروب وحتى شروق الشمس. أما بالنسبة لموسم منع الصيد فيتم الالتزام بالفترة المحددة بمحضر الاجتماع رقم 1995 تاريخ 8/3/2019 وذلك من 15/3 ولغاية 15/4 ومن 16/7 ولغاية 15/8 من كل عام ما تقدم ذكره كان حول المراكب الكبيرة عموماً.
كل ماسبق لم ينفذ وتم مخالفة القانون وبعدها صدر قرار حكومي بمنع الجرف نهائيا ولكن الجرف مازال قائمًا.
الحقيقة ان المخالفات مازالت قائمة رغم كل الانذارات والتهديدات، فهل نشهد إجراءات حقيقة للحفاظ على الثروة السمكية والبيئة البحرية في سوريا، والقضاء على جميع أنواع المخالفات؟
عن ربان السفينة