سيرياستيبس
تكتسب المتابعة اللصيقة لأي تغيّرات على المستوى المعيشي قدراً عالياً
من الأهمية، كونها تقدّم للمخطط الاقتصادي ومتخذ القرار التنفيذي رؤية حيّة
لمجمل التغيرات على أرض الواقع، ومن ثم اتخاذ ما يلزم من حلول للسيطرة
والحدّ من أي تداعيات عكسية على الاستقرار الاقتصادي، وتوفير الحماية
اللازمة للاستقرار المعيشي للأسر والأفراد.
في هذا الشأن تحديداً، يواجه المستهلك السوري معدلات ارتفاع عالية في
تكاليف معيشته، لدرجة تتجاوز المعدل العام للتضخم، على خلاف أي منطق
اقتصادي، ولا أدلّ على ذلك ما نشهده من استمرار في ارتفاع أسعار السلع
والمنتجات دون استثناء، وهو ارتفاع ناتج عن أسباب عدة في مقدّمها الزيادات
المتكرّرة على أسعار المحروقات، الأمر الذي انعكس بدوره سلباً على كل أوجه
النشاط الاقتصادي، حيث زادت التكاليف أضعافاً، ليصار إلى تحميل كلّ تلك
الزيادات على أسعار السلع وأجور الخدمات، أي على المستهلك النهائي، وهو
المواطن!!.
أمام هكذا معضلة، كان على الحكومة ووزاراتها المعنية، وضع البرامج
والمبادرات التي تكفل تغطية آثار ما يحدث على المستوى المعيشي، إلا أن ما
يُؤخذ عليها تردّدها حين مقاربتها لأخطر ملف في انعكاساته الاقتصادية
والاجتماعية، ونقصد ملف “الدعم” بكل تفاصيله وحيثياته وملابساته المالية
وغير المالية.
فعلى الرغم من أن هذا الملف ليس بالطارئ والمستجد، بل يرجع لعقود عديدة
(منذ زمن وزير المالية الأسبق محمد المهايني 1987- 2002)، إلا أن الحكومات
المتعاقبة ورغم كل التقنيات الحديثة في الإحصاء والاستقصاء، لم تستطع تبيّن
الخيط الأسود من الأبيض فيه حتى تاريخه، علماً أن كل شيء واضح وجليّ، ومع
هذا فالمستغرب ألا تتوصل إلى حلّ يضع حداً لكل ما يشوب هذا الملف من خلل
وتشوهات أدّت لإنعاش شبهات الفساد فيه!.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لمصلحة من يبقى ملف الدعم بصيغته الحالية (لا
معلقاً ولا مطلقاً)؟! ولماذا لا يتمّ إقرار البدل النقدي، ما دامت كل
“الحلول” لم تستطع إيصال الدعم لمستحقيه الحقيقيين؟!!.
باعتقادنا أن معالجة ملف الدعم، بالشكل والمضمون الصحيحين، ستكون بوابة
لمعالجة العديد من الملفات الضرورية جداً، والتي تكتسب صفة المستعجلة،
ومنها ملف شبكات الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي للمتقاعدين، ولا نبالغ
إن قلنا بانعكاسات ذلك إيجاباً على ملف التأمينات الاجتماعية.
إن عدم إسدال الستار على ما كان من طريقة دعم يندرج في خانة فعل التعمّد
غير المفهومة مراميه، وعليه إذا ما ظلّ الوضع على حاله فـ”أبشروا” بأزمات
اجتماعية ومعيشية واقتصادية خانقة!!.
البعث