سيرياستيبس
ريم ربيع
بدأت معالم أزمة جديدة بالمحروقات تتضح أكثر مع تأخر وصول التوريدات، فكانت
البداية من الغاز، للفيول اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، وصولاً للبنزين
والمازوت الذي بدأ انعكاس نقصه على المواصلات العامة بحدود متفاوتة بين
منطقة وأخرى، فيما ساهمت العطلة الطويلة بـ”ستر” عيوب النقص، والتخفيف من
وطأته بظل تعطيل المدارس والجامعات والمؤسسات العامة، واستغلت معها محافظة
دمشق الفرصة لوقف تزويد وسائل النقل العامة “السرافيس” وباصات النقل
الداخلي الخاصة بالمحروقات يوم الجمعة، وباصات مبيت الموظفين يومي الجمعة
والسبت، والسماح لباصات النقل الداخلي العامة فقط بالتزود بالمحروقات.
لم توضح المحافظة السبب بشكل صريح، ولم تقدم توصيفاً للمشكلة أو حتى موعداً
لمعالجتها، وإن كانت هذه مهمة جهات أخرى كوزارة النفط، فهي الأخرى تفضل
انتظار وصول التوريدات على التصريح بالمشكلة، حيث حاولنا طيلة الشهر
المنصرم التواصل مع الوزارة للاستفسار حول نقص الغاز، وسبب تأخر وصول
الرسائل للغاز المنزلي لأكثر من 80 يوماً، والخطة البديلة أو الوقت المتوقع
لمعالجة الأزمة، لكن الجواب كان دائماً لننتظر وصول التورديات حتى يكون
هناك معلومة جديدة نصرح بها!! وإلا فمن المعروف أن هناك تأخر بالتوريدات
فماذا نقول أكثر!
لاتزال الجهات العامة تتجنب الحديث عن “أزمة” بينما تصدر قرارات تخفيض
مخصصات بعض المحافظات ليتم التراجع عنها بعد أيام، دون مصارحة فعلية
بالواقع، ليبقى الوضع حتى الآن ضمن مفهوم “اختناقات”، بينما كان وزير
الكهرباء هو الأكثر صراحة حيث برر تراجع كميات التوليد خلال الفترة الماضية
بنقص توريدات الفيول التي تأخرت بسبب العقوبات، فضلاً عن استهلاك كمية
كبيرة من المخزون الاستراتيجي خلال عطلة العيد، كاشفاً عن موعد وصول
التوريدات بعد 15 يوم، ليتحسن معها توليد الطاقة وساعات التغذية.
واحدة من مبررات “النفط” خلال تواصلنا معها عدم الحديث عن أزمة حتى لا
يستغلها تجار السوق السوداء لرفع الأسعار! بينما تشهد الأخيرة ارتفاعاً
لاذعاً متزامناً مع الرفع الدوري للأسعار الرسمية، ليعبر أحد سائقي تكاسي
الأجرة بقوله: “تجار السوداء يشتمّون رائحة الأزمة قبل حصولها”، حيث تجاوز
سعر الغاز خلال الفترة الماضية 300-350 ألف ليرة للجرة، بينما يسجل سعر
ليتر البينزين 18 ألف ليرة تقريباً، فيما حافظ المازوت على سعر 11-14 ألف
ليرة لانخفاض الطلب -بحسب الباعة-.
أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزق حبزة أوضح أنه كان من المفترض أن
رفع الأسعار الرسمية للمحروقات سيترافق مع توفر واستقرار بالمادة، لا أن
نعاني شح وأزمة بتوفرها، فاليوم حتى البنزين أوكتان 95 غير متوفر دائماً،
ووصل سعر الليتر منه لـ25 ألف ليرة ببعض المناطق، كما راجت التجارة السوداء
مما أثر على حركة المواصلات وخفضها، بالتزامن مع تأخر رسائل السيارات
العمومي والخاصة، إذ تجاوزت مدة الرسالة 14 يوما، وزاد الطين بلة إيقاف
المخصصات للسرافيس يومي الجمعة والسبت مما زاد الضغط على التكاسي، ورفع
الطلب على بنزين السوداء، مما سيحدث أزمة حقيقية بالنقل إن استمر الوضع على
ما هو عليه.
وأكد حبزة أن تجار السوداء يراقبون السوق وحركة توفر المواد، وسرعان ما
استغلوا الأزمة، مبيناً أن حركة الأسواق تأثرت ضمناً، وبشكل خاص بالنسبة
للخضار والفواكه بأسواق الهال والأسواق الفرعية، حيث ترتفع بسبب النقل، كما
يتأثر تواتر المواد للسوق، مع التأكيد أن أي انخفاض بالكميات وارتفاع
بالأسعار ينعكس مباشرة على المستهلك.
وتساءل حبزة عن سبب عدم السماح للقطاع الخاص بالاستيراد وحل المشكلة، خاصة
بعد أن أصبحت أسعار المحروقات محلياً أعلى من كل الأسواق المجاورة.