سيرياستيبس
رحاب رجب :
لا شك أن موضوع السكن الجامعي أخذ حيّزاً واسعاً من النقاش، وخاصة مع
بداية العام الدراسي الحالي، حيث واجه الطلاب صعوبة بالغة في استخدام
التطبيق الإلكتروني المخصّص للتسجيل، فضلاً عن الشكاوى الكثيرة الواردة
منهم حول ارتفاع رسوم التسجيل في السكن الجامعي، وخاصة مع صدور قرار وزارة
التعليم العالي برفع رسم التسجيل في السكن الجامعي لجميع المدن الجامعية
ليصبح 8000 ليرة سورية شهرياً بدلاً من 2000 ليرة، بدءاً من العام الدراسي
الحالي.
فالطلاب القادمون أصلاً من محافظات أخرى للدراسة يجدون في السكن الجامعي
ملاذاً لهم مع ارتفاع تكاليف إيجار الشقق السكنية، بالإضافة إلى توفير
أجور المواصلات حيث يكون السكن الجامعي في أغلب الأحيان على تماسٍ مع
كليّاتهم، وهذه طبعاً ميزة كبيرة بالنسبة إلى الطلاب في سورية، ولكنهم
أيضاً في أغلب الأحيان لا يملكون مورداً ثابتاً للوفاء بالتزاماتهم
الدراسية المتنوّعة، وبالتالي يعتمدون في الأغلب الأعم على أهاليهم في
الوفاء بهذه الالتزامات، وارتفاع رسوم التسجيل سيحمّل الأهالي أعباء
إضافية، وخاصة أن أغلب قاطني السكن من فئة الإناث، وبالتالي فإن إلزام
الطلاب بدفع مبلغ 88 ألف ليرة سورية دفعة واحدة سيضيف مصاعب جديدة إلى
المصاعب الموجودة أصلاً.
ومع وجود العديد من العقبات التي تمنع الطلاب من التفكير في السكن في
المدينة الجامعية بدمشق “منطقة المزة”، مثل انقطاع المياه وعدم العناية
بدورات المياه، وارتفاع ساعات التقنين بواقع ساعتين وصل مقابل أربع ساعات
قطع، فضلاً عن الروائح الكريهة المنبعثة من قناة المياه والأوساخ الموجودة
وسط المدينة الجامعية وعلى طول مساحة الحديقة الداخلية للمدينة، يتساءل
المرء عن الظروف المناسبة التي يتم تأمينها للطلاب حتى يتم دفع هذا المبلغ
رسماً للتسجيل.
وقد تحدّث بعض الطلبة عن إمكانية التقسيط فيما يخص دفع رسم التسجيل، حيث
عدّوا رسم التسجيل مرتفعاً بالقياس إلى قدرتهم المادية، وذلك في ظل ارتفاع
إيجارات المنازل في العاصمة، وعن الحمامات المغلقة بسبب الفضلات وعدم
القيام بصيانتها منذ فترة طويلة، فضلاً عن انتشار الحشرات والقوارض في
المدينة بشكل كبير.
ورأى بعض الطلاب أن هناك سياسة متّبعة تقف خلف عدم تأمين وسائل العيش
الكافية في السكن الجامعي، ملمّحاً إلى إمكانية الرغبة في تطفيش الطلاب
خدمة للسماسرة في الخارج الذين يتقاضون مبالغ كبيرة من تأجير الشقق، فضلاً
عن حشر نحو 12 طالباً في الغرفة الواحدة، الأمر الذي يجعل الإقامة فيها
مستحيلة.
وربّما كان تطبيق “سكن” للتسجيل الإلكتروني بالمدينة الجامعية عن طريق
الهاتف المحمول الذي أعلن عنه خلال مؤتمر بجامعة دمشق بحضور رئيسة اتحاد
طلبة سورية، دارين سليمان، ورئيس جامعة دمشق، محمد أسامة الجبان، خدمة
جيّدة للطلاب فيما يخص سهولة تسديد الرسوم من المنزل دون القدوم إلى
الجامعة والانتظار، ولكنه في المقابل تعرّض للكثير من الانتقادات من الطلاب
الذين لم يتمكنوا من استخدامه، وخاصة المستجدّين منهم الذين لا يعرفون
تفاصيل المدينة الجامعية من الداخل، وبالتالي لا يستطيعون تحديد رقم الغرفة
أو الوحدة التي يرغبون في الإقامة بها.
وانتقد بعض الطلاب هذا التطبيق لعدم وجود الآليات اللازمة التي تمكّن من استخدامه بالطريقة المناسبة.
وعند سؤالنا مدير السكن الجامعي بدمشق الدكتور عباس صندوق حول واقع
السكن الجماعي، تحدّث عن أن رسوم السكن لا تزال رمزية، حيث يدفع الطالب
مبلغ ثمانية آلاف ليرة سورية شهرياً، ويتم بذل جهود كبيرة لتقديم أفضل
الخدمات للطلاب وفقاً للإمكانات المتاحة، مشيراً إلى وجود بعض الإشكاليات
الخدمية في بعض الوحدات يتم العمل على النهوض بواقعها ويتم ترميم المرافق
الصحية من حمامات ودورات مياه ومطابخ في الوحدتين السكنيتين الـ18 والـ19،
علماً أن هذا المشروع كان متوقفاً منذ 4 سنوات بسبب قلة الإمكانات المادية.
وحول الواقع الخدمي، بيّن صندوق أن عدد الطلبة المسجّلين للحصول على غرف
ضمن المدينة الجامعية وصل إلى 12 ألف طالب وطالبة، ومن المتوقّع أن يزداد
عدد المسجّلين خلال الفترة القادمة، بالإضافة إلى وجود عدد 2000 من طلاب
الدراسات العليا في السكن.
صندوق كشف عن سعي إدارة السكن الجامعي لتأمين انترنت سريع للطلاب عبر
تقنية “فايبر نت”، وأنه سيتم تطبيق خدمة برسوم لا تتجاوز 10 آلاف ليرة
شهرياً عن كل طالب، ولا سيّما أنهم يدفعون مبالغ كبيرة لتأمين خدمة
الانترنت اللازمة لدراستهم، ولكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن الموضوع لا
يزال حتى اللحظة مجرّد اقتراح، ولم يُتّفق عليه بشكل نهائي بين وزارتي
التعليم العالي والاتصالات، حيث يتطلّب الأمر إعداد آلية عمل واضحة وخطة
تنفيذية شاملة، وفي حال تنفيذه سينعكس إيجابيّاً على الطلبة.
وكان صندوق، قد صرّح سابقاً لوسائل إعلام محلية، بأن رفع قيمة رسوم
السكن الجامعي جاء بعد إحداث قانون المدن الجامعية الجديد، لاستخدام
العائدات المدفوعة في تأمين الخدمات والاستثمار، بينما كان جزء من العائدات
سابقاً يعود إلى خزينة الدولة وقسم آخر للجامعة.