سيرياستيبس
خالد زنكلو :
مع اقتراب دخول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة بشكل ملموس، تراجعت وفرة بدائل التدفئة في حلب بزيادة أعداد الراغبين باقتنائها، ما أدى إلى تضاعف أسعارها، في ظل عزوف أغلبية الأهالي عن استخدام المازوت لارتفاع أسعاره في السوق السوداء، وفقدان الأمل بالاعتماد على الكهرباء، الغائبة عن خطوط التغذية، كبديل نظيف في التدفئة.
المشهد العام للاستعداد للشتاء في الشهباء، ليس جديداً وليس وليد السنوات الأخيرة، وإنما نتاج اتساع الهوة بين الدخل وأسعار المشتقات النفطية لزوم التدفئة التي لا تسد مخصصاتها رمق المدافئ، التي لا يقدر على تلبية متطلباتها سوى عُليَّة القوم.
ورأى أبو بشير عامل التمديدات الصحية في حي المشهد ، أن عملية البحث عن البدائل الرخيصة للتدفئة تسبق قدوم الشتاء بأشهر وإلا فستفوت الفرصة على اللاهثين وراء حلم تدفئة عظام أبنائهم: «اتفقت مع جارنا النجار على شراء مخلفات ورشته من الخشب بسعر ليرتين سوريتين ونصف الليرة للكيلو الواحد، إلا أنه رفع السعر إلى 4 ليرات الأسبوع الماضي، بزيادة الطلب على الخشب اليابس، مع انخفاض درجات الحرارة بشكل واضح».
وأشار «محمد. ت» من الحي ذاته إلى أنه باع 50 ليتراً من مخصصاته من المازوت المدعوم بسعر 12 ألف ليرة لليتر الواحد وحقق هامش ربح مقبولاً لشراء جزء من حطب الشتاء، على حين رفض إخوة أحمد شراء حصته غير المدعومة من المازوت بسعر 600 ألف ليرة، مع أن سعر ليتر المازوت في السوق السوداء ارتفع من 12 إلى 13 ألف ليرة في السوق نفسه خلال الأسبوع الأخير.
«عبدو. غ» موظف القطاع العام والقاطن في شقة إيجار صغيرة بحي صلاح الدين مع زوجته وأولاده الخمسة، أوضح لـ«الوطن» أن استعمال الخشب والحطب في تدفئة المنزل بات من الكماليات «إذ تحتاج مدفأة الحطب يومياً إلى 10 كيلو غرامات من المادة، وإلى نحو طن واحد كأقل تقدير طوال الشتاء، أي إلى خمسة ملايين ليرة، مع احتساب سعر الكيلو الواحد بـ5 ليرات»!.
وأضاف عبدو: «الحل الأمثل لتقليل تكلفة التدفئة، هو بالاعتماد على مخلفات المنزل من ألبسة بالية وأحذية وأوان بلاستيكية وكرتون وأوراق وغيرها، على الرغم من أضرارها على الصحة»، ولفت إلى أن شراء قصاصات الألبسة من ورش الألبسة التي تشتهر بها حلب «والتي تدفأنا بها الشتاء الماضي، بات من الكماليات، ولم يعد متاحاً بعد تنافس الحالمين بشتاء دافئ عليها، وتضاعف أسعارها مرات عديدة».
صاحب محل متخصص بلوازم التدفئة وموادها البديلة، بيّن لـ«الوطن» أن الطلب تراجع هذا الشتاء على حبيبات البيليت وقشور الفستق الحلبي واللوز والجوز وبذور الزيتون وعجوته، بعد أن حلقت أسعار كل منها، لتتراوح بين 3 و4 آلاف ليرة للكيلو الواحد «بالإضافة إلى تجاوز ثمن مدفأة كل صنف منها المليون ونصف المليون ليرة في الموسم الحالي، وضعف ذلك للمدافئ ذات الجودة العالية، وذلك بعد رواج هذه الأنواع من بدائل التدفئة خلال السنوات القليلة الماضية، بصفتها أقل ضرراً من المواد البلاستيكية وعلى اعتبارها أقل وطأة على جيب المستهلك من مازوت التدفئة، في ظل الضائقة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد».