سيرياستيبس :
لم تنجح موجة البرد الشديد التي باغتت المواطنين مبكراً هذا العام على
امتداد مساحة الوطن والأجواء الماطرة المرافقة لها في حثّ المعنيين في
محافظة درعا بالتدخل السريع لتوفير كميات كبيرة من مازوت التدفئة، وتأمين
وصوله إلى كامل الأسر في المحافظة، ما دفع الأهالي تحت “وجع البرد” إلى
القيام بشراء أطنان من الحطب وأخرى من مادة “البيرين” وهي ناتج بقايا معاصر
الزيتون لاستخدامها بغرض التدفئة.
متوفر ورخيص
تفيد السيدة أم بلال التي صادفناها بالقرب من إحدى معاصر الزيتون على أطراف
بلدة داعل أنها تشتري “البيرين” بسبب ارتفاع أسعار وقود التدفئة خلال
سنوات الحرب وندرتها في غالبية الأحيان، لذلك هي كغيرها من المواطنين تبحث
عن بدائل أخرى للتدفئة في فصل الشتاء القاسي، خاصة وأنها من سكان القرى
القريبة من ريف القنيطرة والتي تشتدّ فيها درجات الحرارة بشكل كبير وتغطيها
الثلوج، والتي لا تكفيها كمية المازوت الموزعة التي تُقدّر اليوم بـ50
ليتراً لكل أسرة، ولهذا أصبح تفل الزيتون أو “البيرين” الوقود المناسب لها
لتوفره أولاً وسعره المناسب ثانياً.
مؤونة الشتاء
وقال مواطن آخر إنه مع بداية كلّ موسم يقوم فيه بجني ثمار الزيتون وجلبه
إلى المعصرة، ويشترط على صاحب المعصرة أن تكون بقايا عجينة الزيتون أو ما
يُسمّى “العرجوم” من حقه كونه سيقوم بتجفيفه وتخبئته “كمؤونة للتدفئة” لفصل
الشتاء في العام القادم، إضافة إلى ما يمكن تأمينه من أطنان الحطب لتأمين
شتاء دافئ ولأسرته.
أغراض أخرى
وباعتراف يوسف صاحب إحدى معاصر الزيتون في محافظة درعا أن مادة البيرين
مطلوبة بشكل كبير، ليس من قبل الأهالي فحسب الراغبين بتأمين كميات كبيرة
منه بقصد التدفئة، وإنما من قبل أصحاب المعامل الكيميائية المهتمة بصناعة
الشامبو والصابون ومواد التجميل التي تدخل الزيوت في تركيبتها الأساسية،
مؤكداً أن معظم معامل دمشق وريفها تستجرّ البيرين الأخضر من معاصر الزيتون
في محافظة درعا بكميات هائلة للاستفادة من بقايا الزيت في تركيب منتجاتها،
وبيّن يوسف أنه بعد زيادة الطلب على هذه المادة تمّ رفع سعر الطن الواحد
منها إلى أكثر من مليون ومئتي ألف ليرة سورية، وهو سعر يزداد وينقص حسب
العرض والطلب وفق قوله، كما بيّن يوسف أن تفل الزيتون أو “البيرين” هو
بقايا الزيتون بعد استخراج الزيت منه، حيث يتمّ تجفيفه في الشمس وبعد ذلك
يتمّ تحويله إلى كريات أسطوانية عن طريق مكابس خاصة، لاستخدامه في التدفئة
في فصل الشتاء البارد.
فكرة مشروع
مدير صناعة درعا المهندس عماد الرفاعي بيّن أن الحديث عن طرح مشروع معمل
إعادة تكرير نواتج عصر الزيتون مرّت عليه سنوات دون أن تتوصل المحافظة لأية
نتيجة، معللاً السبب بإيقاف جميع التراخيص لأي منشأة صناعية، وحصر
الموافقات بالمنشآت داخل المدن الصناعية، مضيفاً أن الجميع يعلم أن محافظة
درعا لا يوجد فيها مدن صناعية، مؤكداً أن كافة المناطق الصناعية المنتشرة
في المحافظة غير مؤهلة لإقامة هكذا منشآت.
وأشار الرفاعي إلى أن معمل تدوير وتكرير نواتج الزيتون يعدّ ضرورياً ومهماً
جداً للمحافظة نظراً لتجاوز الكميات التي تستخرج من نواتج عصر الزيتون
الـ10 آلاف طن بنسبة 30 إلى 35% من إنتاج الموسم الحالي المتوقع، وإمكانية
الاستفادة منها للحصول على زيت البيرين الذي يُستخدم في صناعة الصابون أو
كوقود للتدفئة.
يؤمن بيئة نظيفة
لا شكّ أن مادة البيرين بعد سرعة انتشاره بشكل كبير كمادة للتدفئة بسبب
توفره بأسعار معقولة، وكذلك الحرارة التي يؤمّنها وينشرها في المنازل يحتّم
الإسراع في إقامة المعمل، وبحسب التجربة كلّ قطعتين من البيرين الجاف
تولدان حرارة توازي ما يتمّ توليده بواسطة استخدام ليتر واحد من المازوت،
لذا أصبح من غير الممكن الاستغناء عنه، فضلاً عن كونه مادة آمنة وصديقة
للبيئة داخل البيت وفي المحيط لعدم احتوائه على أية مواد كيميائية ضارة.
البعث - دعاء الرفاعي