سيرياستيبس :
كتب بشير فرزان :
ورشات عمل عديدة، وندوات “لا تحصى ولا تعد”، ولقاءات واجتماعات بعناوين
متنوعة، درست وناقشت، و”فصفصت” التفاصيل، واقترحت ورفعت خلاصة نتائجها –
التي تصل – إلى أصحاب الشأن، مصحوبة بصراخ عالي النبرة يحمّل الحكومة
المسؤولية، ويطالب بالمحاسبة والقصاص من متسببي المعاناة والفقر المعيشي،
لتنتهي الملحمة – كالعادة – ببقاء المشهد المعيشي دون أي تغيير، حيث
القضايا معلقة على المشاجب.
ورغم إيجابية هذا التوجه التفاعلي، إلا أنه محفوف بالكثير من المخاطر، وقد
يؤدي إلى نتائج عكسية وانتكاسية، وذلك لسببين: أولهما يتعلق بالجهات
المعنية، وبطريقة تقديم المعلومة بشفافية وصراحة، خارج متاهة “الإنجاز”،
وحلقات إبراز الخطط الورقية، والأرقام غير الواقعية التي تتسبب بضياع
البوصلة والانجرار وراء السراب، وبذلك تضيع النتائج المتوخاة من هذه
الحوارات في أكوام من العناوين الفارغة التي تمكّن أصحاب القرار في
الوزارات من سحب البساط من تحت “أصحاب المشورة”، بحيث تجد نفسها في نهاية
كل لقاء خالية الوفاض، أو بالأحرى ستخرج بسلة معلومات ثقيلة بالفراغ
والعودة إلى نقطة البداية، خاصة أن الإجابات على تساؤلاتهم التقليدية
والمؤطرة بصيغ اللقاءات المعهودة مع الوزراء التي تستند على مبدأ “الكم
الكثيف” من المعلومات المتوفرة في التقارير، والمنشورة سابقاً، والقلة في
الإجابات التي قد تكشف عن القطبة المخفية في كل مؤسسة ووزارة. ولذلك لم نر
أي حديث استثنائي عن عمل هذه الجهات، وبقيت الأمور على حالها، بل زادت
نمطية نتيجة تمرير معلومات وأرقام تضمن البقاء في الدائرة الخضراء.
والسبب الثاني يشمل تلك الفرق “النخبوية” التي لم تستطع التفكير خارج
الصندوق، كما هو مطلوب منها، وبقيت عالقة في شبكة عنكبوتية من الأفكار
والتساؤلات التقليدية، فلم تتمكن بعد عدة اجتماعات أن تنكأ الورم المتضخم
بضعف الأداء، لدرجة الإخفاق في تنفيذ في أي عمل يضع هذه المؤسسات على سكة
العودة، أو على أقل احتمال الحفاظ على ما تم تحقيقه.
ولاشك أن غالبية الجهات لم تستطع إلى الآن جمع البيانات وصياغة الرؤى
والأهداف بالاستناد إلى مؤشرات واقعية ومنطقية قابلة للتنفيذ، وفق برنامج
زمني محدد. ولذلك قد يكون من السابق لأوانه الدخول في عملية تقييم لنتائج
عمل الفرق الاستشارية المتخصصة في جميع القطاعات. وبكل تأكيد، نتمنى لها
النجاح، إلا أن ذلك لا يلغي موضوعية الحديث عن ضرورة التدقيق بخلاصة
اجتماعاتها، وما تقدمه، حتى تكون النهايات إيجابية. وطبعاً، نستند هنا على
قاعدة “الشك بداية الحقيقة”!!