سيرياستيبس
كتب الاعلامي علي عبود :
لم تعد حوادث الانهيارات، وآخرها منذ أيام في دمر الشرقية والحجر
الأسود، تقتصر على مناطق المخالفات، بل امتدت إلى المناطق الراقية جداً
أيضاً، وكلها تكشف استهتار البلديات بتطبيق أنظمة البناء والعمران، بل إن
انهيار شرفات أحد الأبنية في منطقة المالكي بدمشق في أيلول الماضي كان
مثالاً صارخاً على تطنيش دوائر الخدمات وتواطئها مع المتنفذين!!
لقد تحوّلت مخالفات التلاعب بأقبية المباني لإحداث شقق جديدة، إو إضافة
مساحات كبيرة إلى العقارات الأرضية، إلى تجارة تدرّ عشرات المليارات إلى
مثلث الفساد (البلديات، المتنفذون، سماسرة العقارات)، وبات من المستحيل
الرهان على تطبيق أنظمة البناء النافذة من قبل المحافظين أو وزراء الإدارة
المحلية، بدليل وصول الشكاوى إلى مكاتبهم دون اتخاذ الإجراءات السريعة بحق
المتورطين والمتلاعبين بأرواح الناس قبل التلاعب بنصوص القوانين!
وقد نشر الإعلام الوطني ومواقع التواصل الاجتماعي خلال العام الماضي الكثير
من المخالفات الموثقة. ومع ذلك، لم تقم جهات الإدارة المحلية على مختلف
مسمياتها ومتدرجاتها بالتحقيق في ملابساتها ومحاسبة مرتكبيها إلا بعد وقوع
الكارثة!
نعم، لا يتحرك المحافظون إلا بعد وقوع الكارثة، أيّ بعد فوات الأوان،
وعندها فقط يصدرون قرارات بتوقيف المتورطين وإحالتهم إلى القضاء؛ أما
المتضرّرون، وهم الحلقة الأضعف، فيتكبّدون خسائر جسيمة، وقد يخسرون منازلهم
التي اشتروها، إما بمدخرات عمرهم، أو بقروض مصرفية بفوائد عالية.
وكمثال على التحرك واتخاذ القرارات المتأخرة بعد فوات الأوان، نشير إلى أن
محافظة دمشق أكدت في بيان خاص بانهيار شرفات أحد مباني المالكي أن “محافظ
دمشق وجّه بإحالة جميع المخالفين من أصحاب العقار والمتعهدين والمهندسين
المشرفين والإداريين بالدائرة المختصة في المحافظة إلى القضاء المختص، وذلك
استناداً إلى أحكام المرسوم التشريعي رقم 40 لعام 2012 الخاص بمخالفات
البناء، بعد أن تمّ تنظيم محضر ضبط أصولي بالواقعة.. وبإلزام المتسبّبين
بالانهيار بإعادة بناء الشرفات المنهارة بعد إعداد الدراسة الهندسية
اللازمة وبإشراف هندسي”.
السؤال: لماذا لم تستجب المحافظة لاعتراضات السكان على التلاعب بقبو مبناهم قبل انهيار الشرفات؟
والسؤال الأهم: لماذا لم تصدر محافظة دمشق قراراً مماثلاً بإلزام
المتسبّبين بانهيار بناء في التضامن بإعادة تشييده من جديد وفق الاشتراطات
الهندسية؟
ولعلّ الإيجابية الوحيدة لحادثة انهيار شرفات في حي المالكي وانهيار
مبنى التضامن، وإحالة المخالفين إلى القضاء، هي علو أصوات أعضاء في مجلس
محافظة دمشق بضرورة التشدّد في قمع مخالفات البناء متى وأينما وجدت!
وفعلاً، حذّر أعضاء في مجلس المحافظة من انتشار مخالفات جسيمة في عدد من
الأحياء وخاصة “الراقية”، ومنها تشييد مخالفة بناء على 4 أسطح في حي
المالكي، ومخالفة ضمن طابقين في حي ساروجة، وتجاوزات على ملكيات مشتركة،
ناهيك عن الرواج الكثيف لعدد من المخالفات في حيي الميدان والزاهرة.. إلخ!
ولفت مجلس المحافظة إلى أن انتشار رخص الترميم لإنجاز مخالفات تؤثر في
البيئة الإنشائية للبناء، ومن ضمن المخالفات إنشاء مطعم في حديقة عامة في
تنظيم كفر سوسة.
السؤال: هل تابعت المحافظة هذه المعلومات الموثقة، وخاصة في المناطق
الراقية جداً، والتي هي بمثابة بلاغ رسمي، ووجهت بإزالتها، وبإحالة
المتورطين فيها إلى القضاء.. أم يجب وقوع انهيارات فيها كي تتخذ مثل هكذا
قرارات؟!