سيرياستنيبس
قسيم دحدل :
للإنصاف، حققت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، تحت ما يُسمّى “تبسيط
وتسهيل الإجراءات”، على سبيل المثال، إلغاء ما يزيد عن 30 معاملة من أصل 65
معاملة، وتقليص زمن الترخيص لمنظمة غير حكومية إلى 3 أشهر بعدما كان
يتطلّب ذلك 3 سنوات (السرعة في الإنجاز)، وهذا غير الحراك النشط للوزارة في
إطار تشاورها مع الفعاليات الاجتماعية والمنظمات كالاتحادات المختلفة، كل
هذا وغيره، من منطلق حرصها على الوصول الآمن لتكون نتائج ما تعمل عليه
مضمونة لا ندم فيها.
وتعقيباً.. يمكننا القول: لعلّ الحذر والتحوط، وفق ما لمسنا، قد يبرران
تمهل الوزير والوزارة في إطلاق برامج أو مشاريع تندرج في خانة شبكات
الحماية الاجتماعية، خشية الوقوع فيما لا تحمد عقباه. ومع أن هذا الحذر
يمكن أن ينفع لحين، إلا أن صيرورة الأمور، والتمعن في مقبلاتها، يتطلّب من
الوزارة البت فيما كُلِّفت به، بعدما “استنجد” المنجد بالصحفيين، من منطلق
خبراتهم العملية، وما يمثلونه مجتمعياً واقتصادياً. والدليل تأكيد طلبه
لقاءهم مرة ثانية وثالثة، نظراً للجدوى والفائدة الكبيرتين من الحوار معهم.
نعم، كانت النجدة فاعلة بكل معنى الكلمة، وكان الصحفيون عند حسن ظن
الوزير، وأهلاً للنجدة، كما كان هو في تلقفه الذكي للعديد من الإجابات
الصحفية على تساؤلاته “المصيرية” التي طرحها، والتي كانت وازنة (أي
الإجابات)، إلى حدّ أنها مرشحة وبقوة لتشكل مخارج عملية، لا نظرية، لما قد
يعترض الوزارة من مطبات وألغام اجتماعية واقتصادية، حين إقرارها لبرامج
شبكات الحماية الاجتماعية، والبدء بتنفيذها على أرض الواقع.. ومن تلك
الإجابات، إجابة أحد الزملاء بـ “أفضلية تطبيق النظرية النسبية في شبكات
الحماية، أي استهداف شرائح عدة بنسب مختلفة بدلاً من الشريحة الأكثر هشاشة
فقط”؛ وللمفارقة، كانت الوزارة، ولمدة 6 أشهر، في حيرة من أمرها حول حلّ
هذه المعضلة، لتأتي الإجابة الصحفية حفراً وتنزيلاً للحل.
استناداً لما سبق نقول، ومن باب الموضوعية والتواضع: ها نحن الصحفيون،
وها هي مقدراتنا وأكثر، إلا أن حالنا لا يسرّ صديقاً، وأوضاعنا المادية
والمهنية تجعلنا و”بجدارة” في خانة الشريحة الأكثر هشاشة. وعلى الرغم من
ذلك نستغرب كيف أن الحكومة – التي وجّهت وزراءها بإجراء حوارات معنا،
لعلمها علم اليقين بمقدراتنا وبأهمية الإعلام والإعلاميين – تناقض نفسها من
خلال تكبيلنا بمشروع قانون إعلام تحرمنا بموجبه من أي مظلة حماية، سواء
أكانت قانونية أم مهنية أو اقتصادية، وفي الوقت نفسه تريد منا الدعم في
صناعة قراراتها وتقويم دراساتها وخططها والمشاركة في أعمالها ومساندة
استراتيجياتها؟!!
تناقض وقانون، إذا ما تمّ إقراره بما فيه من ظلم وتهميش في مجلس الشعب،
فسيشكل لا شكّ صدمة كبرى ليس للإعلام الوطني وللصحفيين الوطنيين فقط، بل
وللمجتمع، ولكلّ من يعمل ويجتهد من أجل إصلاح مؤسّساتنا وتطور قطاعاتنا
ومشاريعنا، وبالتالي رقي ورفاهية مواطنينا. ولا نبالغ إن قلنا: صدمة إذا ما
تمّ تمريره بما هو عليه، لأنه وببساطة إنهاءً لأبسط حصانة تقي مهنة
المتاعب وتبقيها سلطة رابعة لأجل وطن حظيت صحافته وصحفيوه باهتمام سيد
الوطن وبتأكيده على دورهم وأهمية ما يقدّمون.. فهل يأتي ذلك اليوم الذي لا
يسعنا فيه سوى ترديد القول المأثور: “يا أبت.. اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ما
يفعلون”؟!!