سيرياستيبس :
أكد وزير الصحة حسن الغباش توجه وزارة الصحة نحو تحويل جميع المشافي إلى هيئات عامة مستقلة لها خصوصيتها الإدارية والمالية، لافتاً إلى أن الخدمات المجانية بالمطلق ما هي إلا واجب ولكن لها العديد من السلبيات ويمكن أن تستغل من المقتدرين على تلقي الخدمة بشكل مدفوع جزئياً أو في القطاع الخاص، إلا أنهم يفضلون الحصول على الخدمة المجانية وبالتالي يأخذون دور وفرصة من يستحق الخدمة المجانية، مشيراً إلى تكاليفها الباهظة على الدولة.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في الندوة النقاشية التفاعلية التي أقامتها جامعة دمشق بعنوان «الاستثمار في الصحة» والتي ناقشت الدور المستقبلي للدولة وآليات تنفيذه، إضافة إلى الإمكانات والغايات بحضور الوزير الغباش وبالتعاون مع الكليات والوزارات المختصة.
وأوضح الغباش أن الوزارة لا تهدف من خلال التشاركية مع القطاع الخاص إلى بيع القطاع العام أو إلغاء الخدمات المجانية بالمطلق إنما توجيه الدعم والخدمات المجانية لمستحقيها ولا يعني تمليك القطاع الخاص لأي جزء من المشفى، مضيفاً: إنما نهدف إلى تشاركية ضمن شروط وضوابط تضعها الوزارة لمدة محددة وفق آلية معينة ويبقى القطاع العام هو المشرف والمراقب وذلك ليس انتقاصاً من القطاع الخاص.
أتمتة المشافي
ولفت إلى أن الوزارة تعمل على أتمتة جميع المشافي وقد تمت أتمتة 4 مشاف حالياً وذلك لتوفير بيانات دقيقة وصحيحة وذات جودة عالية، مشيراً إلى أن الدور الأهلي في المشافي العامة مفعل وقد تم مؤخراً إنشاء قسم جراحة قلب كامل في مشفى النبك من المجتمع الأهلي وهو دور مفعل في كل دول العالم بنسب مختلفة، مؤكداً أهمية تفعيله بشكل أكبر لكونه متواضعاً نسبياً محلياً.
الرقي في تقديم الخدمة
وفي سياق متصل بين معاون وزير الصحة أحمد ضميرية أن الهدف من الندوة هو تبادل الآراء والأفكار من أجل الوصول إلى توصيات ومقترحات تفيد في الاستثمار في القطاع الصحي من المختصين، مؤكداً أن الهدف ليس تحويل القطاع الصحي الخدمي إلى قطاع يدر المال إنما الهدف الرقي في تقديم الخدمة الصحية التي أصبحت شديدة الكلفة حيث تقدر بالمليارات، ولمواكبة الدول المتقدمــة وتقديم خدمات نوعية متطورة لابد من توفر المال.
وأضاف: من هنا جاءت الحاجة إلى الاستثمار في القطاع الصحي لكي يدعم نفسه، وطرح ضميرية العديد من المحاور لمناقشتها تركزت على الدور الحكومي المستقبلي وآليات التنفيذ والتشاركية بين القطاع العام والخاص والتوجه نحو صناعات دوائية محلية نوعية وحوكمة مشاريع السياحة العلاجية وتأطيرها وتعزيز دور المؤسسات التأمينية والاستثمار الجيد والموجه لرأس المال البشري وتقييم واقع الخدمة الطبية المجانية المقدمة.
ولفت إلى رغبة وزارة الصحة في أن تخرج من الدور الوصائي على القطاع الخاص إلى دور الشريك وأن تكون هناك شراكة حقيقية بينهما لبناء نظام معلومات صحي ورسم خريطة واقعية صحية أكثر وضوحاً وإمكانية أن تشمل التشاركية استثمار البنى التحتية العامة من القطاع الخاص مع إبقاء الدور الرقابي، إضافة إلى البحث العلمي بالتشارك مع القطاع الخاص بشكل موجه بآليات ترفد تقديم الخدمات الصحية بشكل جيد وتطبيق معايير الجودة لدى القطاعين.
وأشار ضميرية إلى وجود 43 مشفى تابعاً لوزارة الصحة تقدم خدمات مجانية، إضافة إلى وجود 78 معملاً دوائياً في سورية معظمها نمطية الإنتاج يتراوح إنتاجها بين المسكنات ومضادات الالتهاب، على حين هناك حاجة حقيقية إلى معامل وخطوط إنتاج نوعية كالأدوية السرطانية والبيولوجية والحيوية بهدف المحافظة على تأمين أدوية المرضى وبصناعة وطنية والمحافظة على القطع الأجنبي.
ونوه إلى انتشار السياحة العلاجية في سورية كسياحة طب الأسنان والعيون، مشيراً إلى أهمية الدور الحكومي في تأطير وحوكمة هذا القطاع وتقديم التسهيلات لذلك وتقديم خدامات السياحة والفندقة للسياح.
تعزيز دور الرقابة
ولفت عميد كلية الطب البشري رائد أبو حرب إلى أهمية تعزيز دور الرقابة على شركات التأمين والأطباء المتعاقدين من حيث الممارسة الطبية والخدمات الطبية المقدمة من شركات التأمين للمؤمنين الصحيين، إضافة إلى تفعيل نظام الإحالة على المشافي الكبيرة من أطباء عامين أو أطباء أسرة لأن ذلك سيؤدي إلى تخفيف العبء المفرط على الهيئات العامة وحتى المشافي الخاصة والأعباء الاقتصادية على المواطن من جهة أخرى، مشيراً إلى تقديم مشافي وزارة التعليم العالي 12 مليون خدمة طبية خلال الربع الأخير من العام الماضي.
وأكد أبو حرب أهمية استثمار رأس المال البشري من خلال استقطاب الكوادر الصحية المتناسبة مع احتياجات القطاع الصحي على مستوى الأطباء والممرضات والفنيين والمختصين في كافة الاختصاصات وزيادة عدد الكوادر الصحية المتخصصة في كافة مستويات تقديم الرعاية، إضافة إلى اعتماد بروتوكول واضح للترقية الوظيفية وتحديد الأدوار بدقة والمسميات.
وأشار إلى ضرورة تبني خطط للتطوير الإداري ومتابعة تنفيذها بطريقة مثلى واعتماد منهجية التدريب والتعليم المستمر لرفع جودة الخدمات المقدمة لأعلى مستوى، والمشاركة ببعثات تعليمية وعلمية خارجية أو داخلية لكافة مقدمي الخدمة في المؤسسات وتسهيل تبادل المعلومات بين العاملين للحفاظ على استمراريتها ويقاس نجاح البرنامج التدريبي بناء على استبيانات قبل وبعد للتحقق من وصول ما نحتاجــه إلى الأفراد.
ونوه إلى أهمية معالجة التسرب الوظيفي على كافة المستويات واعتماد إجراءات تضمن تمكين الكوادر الصحية في المناطق النائية ورفع مستواها، إضافة إلى تقديم ما يحفزها على البقاء في هذه الأماكن وتقييم أداء الكوادر الصحية وتوثيق العمل بموجبها من خلال روائز تبتعد عن التقييم الشخصي، إضافة إلى نظام تحفيز للعاملين وتطوير الثقافة التنظيمية القائمة على أخلاقيات طبية وإدارية والتي يجب أن ترسخ في جميع مفاصل مقدمي الخدمات الصحية والإدارات.
توحيد الأنظمة
بدوره أشار مدير مشفى المواساة عصام الأمين إلى أهمية التشاركية وتعزيز مشاركة المجتمع المدني في دعم القطاع العام، لافتاً إلى أهمية توحيد الأنظمة بين «الصحة والتعليم العالي» وإيجاد هيئة ناظمة تنظم العمل وتدرس الإيجابيات والسلبيات بهدف دعم القطاع الصحي في ظل زيادة أعداد المراجعين لتلقي الخدمات المجانية بسبب الأوضاع الاقتصادية ما زاد العبء على المشافي العامة.
من جانبه أكد مدير الهيئة العامة لمركز الباسل لجراحة القلب راغب سليمان أن الغاية دائماً هي تقديم أفضل خدمة من حيث معايير الجودة الطبية والإدارية وهي لا تتطور إلا بدعم الحكومة ولكن في الوقت الراهن لابد من وجود دعم يساعد الحكومة على تقديم الدعم المناسب للمؤسسات، وطرح مثالا ترخيص العمل الخاص في الهيئات ضمن الوزارات عن طريق إيجاد قسم أو شعبة خاصة لها كل عناصر المشفى الخاص من حيث الإقامة وسرعة تأمين المواد والخدمات الطبية للمواطنين القادرين على تلقي الخدمات بشكل مأجور وتحديد تسعيرة مناسبة إما توازي المشافي الخاصة أو أقل لكي تنافسها.
ولفت إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين تحتاج لدعم صحي لذلك فإن التشاركية عبر هذا القسم سيساهم في تحسين الخدمات المقدمة في القسم المجاني وأجور العاملين الذين سيعملون في القسمين معاً بالتناوب وسيكون له نظام مالي ومستودع تابع للهيئة ذاتها يكون له الحرية بالتصرف بالميزانية المالية له، وذلك بحيث لا يؤثر في أداء الخدمات المجانية مشيراً إلى توفر الإمكانية لذلك وتم إجراء دراسة كاملة له.
من جانبه أكد نقيب الأطباء غسان فندي أهمية الانتقال من الدور الضامن والأوحد للرعاية الصحية من الدولة إلى دور ضامن ومساهم مع الشركاء وتغيير مفهوم المجانية المطلقة إلى المجانية النسبية لتحقيق مبدأ العدالة وليس المساواة بهدف إسناد المواطن لشريحة وفق معايير معينة.