سيرياستيبس :
بشير فرزان :
منذ سنوات طويلة كتبنا عن فضية الأمهات السوريات المتزوجات من غير سوري،
والحالمات بمنح الجنسية لأبنائهن من خلال بعض الخطوات التي تمت في مشروع
تعديل قانون الجنسية، وتقديم مسودة مشروع من قبل الاتحاد النسائي آنذاك..
إلا أن الآمال التي اشتعلت في تلك الفترة عادت وانطفأت في مضمار اللجان
المختلفة، وغياب القرار المأمول الذي سيحول مستقبل الكثيرين من حالة
التأرجح على حبال الهوى إلى حقيقة تتيح لهم فرصة الحصول على الهوية الوطنية
السورية.
ومع مرور السنوات، تزداد نبضات القلوب وخفقاتها بانتظار القرار الحاسم
والعادل الذي سيعالج أوضاع أبناء الأم السورية الذين تزداد ظروفهم وحياتهم
تعقيداً، حيث يعانون من الغربة في بلدهم – كما قالوا لنا – بعد أن بات
تجديد أوراق الإقامة في كل عام مصدر إزعاج لهم ويوقعهم في الكثير من
المشكلات وخاصة في هذه الظروف الصعبة.
وللتوضيح، فإن اكتساب الجنسية بشكل عام يتم إما على أسس أصيلة ثابتة كـ “حق
الدم”. والشائع دولياً أن حق الدم هو النسب من الأب، فمتى ثبت نسب الفرد
من أبيه ثبت له أيضاً حق التمتع بجنسيته، و”حق الإقليم”، ويقصد به حق الفرد
الذي يولد على إقليم دولة معينة اكتساب جنسيتها، أو على أسس ثانوية
(كالتجنس والزواج وتبدل السيادة والإقامة اللاحقة للميلاد). وفي بلدنا يتم
تغليب حق الدم على حق الإقليم في بناء الجنسية العربية السورية، فأخذ
المشرع بحق الدم بصفة أساسية، واستند بصورة ثانوية إلى حق الإقليم، وبذلك
حرمت الأم السورية من حق منح جنسيتها لأبنائها.
وقد يكون لدى الجهات المعنية ما يبرر عدم تسرعها في منح الجنسية بشكل
جماعي لأبناء السوريات المتزوجات من غير السوري، إلا أن تحقيق أمال الأمهات
السوريات وزرع السكينة والاستقرار في حياة أبنائهن الذين ارتسمت في عروق
دمهم الخارطة السورية، وتدفق في شرايينهم عشق الانتماء والاعتزاز لهذا
البلد، يشكل أيضاً في هذه المرحلة خطوة متقدمة نحو المستقبل، وبداية لمرحلة
تشريعية جديدة ناظمة لحياة الناس وحاضنة لتطلعات وأمال الجميع.
فهل تتلاشى أمال الأمهات في غياب قرار الجهات المعنية، التي لا نشكك في
مصداقيتها وحرصها على تحقيق هذا الحلم، دون المساس بالمصلحة الوطنية؟ أم
سيعمل الجميع في الفترة القريبة القادمة على وضع أوسمة المواطنة السورية
على بطاقات أبنائهن الشخصية في اقرب وقت؟!