سيرياستيبس
كتب بشير فرزان :
استذكار نتائج العديد من الأفكار الاستشارية، من حيث الأهداف والنتائج،
وما وصلت إليه أحوال الناس، أو واقع العمل المؤسّساتي الإداري أو الإنتاجي
الصناعي والتجاري، يشكّل مدخلاً مهمّاً للبحث في واقع المنظومة الاستشارية
التي عشّشت في المكاتب المختلفة، وتكاثرت وتناسلت هيئاتها، سواء في رئاسة
مجلس الوزراء، أو غيرها من الجهات، على الرغم من التساؤلات التي تلفح كفاءة
هذه المنظومة الاستشارية المانحة لـ “المعلومة الصحيحة” بالشكّ والتحفظ
على مهامها والكثير من رؤاها التي مهّدت الطريق أمام العديد من الانتكاسات
الحقيقية التي يعيش المواطن تبعاتها وأزماتها المتعدّدةز ومن هنا تنطلق
رحلة الألف ميل في البحث عن أهم ما أنجزته وتنجزه هذه الفرق التي، استناداً
للواقع الحالي، لم تحقق المطلوب منها، وأثقلت بأفكارها الحلول وأخرجتها عن
سكة الانفراجات بمختلف مساراتها.
وبغضّ النظر عن المزايا التي يحصدها لقب مستشار، وبالتركيز على الرؤية
المهنية والعلمية والخبرات المتميزة التي تؤهل لحمل هذا اللقب، نجد أن
الكثير من المدرجين ضمن هذا العمل يخضعون لمعايير المجاملة لصديق أو قريب
أو زميل بوضعه مستشاراً، خاصة وأن الكثير من المستشارين هم من المسؤولين أو
المديرين السابقين الذين لم يوفقوا في إدارة وإنجاح مؤسّساتهم التي تحتضر
اليوم نتيجة لأخطاء سابقة في إدارة قرارها الإنتاجي والمؤسساتي!
بكلّ تأكيد، لن نضع الهيئات الاستشارية المؤسّساتية أو الفردية في ميزان
واحد، فهناك من قدّم أفكاراً استثمارية جديدة لكل ما هو موجود ومتاح تحت
عنوان “ثروة وطنية”، ولكن لم يؤخذ بها من الجهة التنفيذية لأسباب مختلفة،
وهذا ما يدعم الدعوة لتوحيد العمل الاستشاري بشكل شامل بعد إعادة النظر
ببنية المنظومة الاستشارية المتكاثرة بطريقة عجيبة غريبة، وبما تنتجه من
عصارة فكرية عقيمة النفع، هذا مع الحرص على عدم تجاهل أو تغييب فرضية الخطأ
في تقييمها والحكم بأنها لم تلعب أدواراً مهمة في دفع العمل العام نحو
تحقيق مزيد من النجاح، ولم تحدث فرقاً كبيراً في مسيرة أي قطاع، مع غياب
تطبيق معايير المساءلة والمحاسبة والشفافية عليها، وبقيت تعمل بالتكتيك
نفسه خلال الحكومات المتعاقبة بخط موازٍ لرغباتها، ودون أي تصحيح أو فائدة
علاجية، ولذلك لم تكن بالقوة والفعل المطلوب، ولم تحمل معها فائض القيمة
الذي أُسّست من أجله في توجيه مسارات العمل الحكومي بشكل صحيح نحو مصلحة
الناس، ولم توفق أيضاً في إدارة المشاريع المرتبطة بالاختيارات الكبرى
للتنمية ومشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسة العامة للدولة في
الميادين كافة، والحديث هنا لا يخصّ أشخاصاً بل منظومة استشارية كاملة..
فهل من مجيب؟!