سيرياستيبس : مروحة التوجه التفريطي الرسمي
المزمع واسعة جداً، فهي لا شك ستطال المشافي التابعة لوزارة الصحة، وكذلك
المشافي التابعة لوزارة التعليم العالي، وربما المستوصفات والمراكز الصحية
الأخرى التابعة للوزارتين أيضاً على طول البلاد وعرضها، وبشكل انتقائي
طبعاً بما يتناسب مع حجم العائد الاستثماري من كل منها لمصلحة البعض المحظي
من المستثمرين! فإعادة هيكلة الخدمات الصحية «المجانية افتراضاً» في
القطاع الصحي العام، تحت عنوان التشاركية مع القطاع الخاص الاستثماري، أو
إيصال الدعم لمستحقيه، من خلال الفرز الجديد بين مقتدر وغير مقتدر هذه
المرة، وشرعنة ذلك بذريعة التكاليف المرتفعة وبعدم وجود طب مجاني، وغيرها
من الذرائع، وصولاً إلى تعديل بعض التشريعات بما يضمن تنفيذ ذلك، ستؤدي
حكماً إلى تقليص تلك الخدمات كماً ونوعاً، وإلى رفع أسعارها بحيث تصبح
حكراً على من يملك المال، المقتدر عملياً، مقابل عجز من لا يملك المال عن
تلقي الخدمات الصحية، غير المقتدر فعلاً، أي الدفع بالمفقرين إلى جحيم
الأمراض، وصولاً إلى الفتك بصحتهم والتضحية بها وبهم! فالحكومة ماضية
بتصدير موبقات سياساتها لتجيرها على حساب المفقرين كما درجت العادة، ومن
خلال التخلي عن جزء إضافي من مهام الدولة الأساسية على المستوى الاجتماعي! وفي
ظل الوضع الراهن فإن هذا النهج لن يشكل خطراً على المستوى الصحي للغالبية
المفقرة وعلى حياتهم فقط، بل ربما على مستوى تهديد عوامل الأمن الاقتصادي
والاجتماعي أيضاً! فإنهاء الدعم عن القطاع الصحي العام، وصولاً إلى
زيادة أجور خدماته وتكريس الفرز الطبقي فيها، لا ينعكس سلباً على صحة
المواطنين المفقرين فقط، بل على القطاعات والفعاليات الاقتصادية والخدمية
كافة في البلاد، وكذلك على الكثير من الظواهر والآفات الاجتماعية السلبية
التي ستتفاقم وتتعمق أكثر فأكثر! فهل من عسف وظلم وتفريط أكبر من ذلك؟! قاسيون
|