سيرياستيبس :
ينشغل السوريون هذه الأيام، ويتابعون، كل ضمن نطاقه، وعلى طريقته، شكل
الحكومة المرتقبة، والأسماء المتوقعة التي يتم تداولها، بين القبول والرضا
حينا، والرفض والاستنكار أحيانا أخرى، بعد وضعها في غربال كفة ميزان الذهب
(من باب “لتطمئن قلوبنا”!)، بعد التحولات الكبيرة التي نفذتها حكومة تصريف
الأعمال برئاسة المهندس حسين عرنوس..
وبانتظار ولادة الحكومة العتيدة، التي تسير مجرياتها بعيدا عن الأنظار
والتكهنات، وصعوبة – و”ربما” حيرة – اختيار الشخصيات، بين أن تكون من
التكنوقراط وأساتذة الجامعات، أو أصحاب الخبرات من رجال المال والأعمال
والاقتصاد والقانون، وبين أن يتم انتقاؤهم واختيارهم من عالم السياسة
والديبلوماسية والأحزاب المخضرمين، المشهود لهم برجاحة الفكر وعمق الرؤيا
وجرأة الموقف وسرعة اتخاذ القرار ومرونته ونظافة الكف، يمتلك المجتمع
السوري – بشرائحه المتعددة – طيفا واسعا من الخبرات والخيارات التي تتيح
وتفسح المجال لانتقاء الأفضل بأريحية تامة، بعيدا عن الساعين المكشوفين
للفوز بمجرد حقيبة أو مقعد وزاري..
وبغض النظر.. فإننا نعتقد أن تجربتنا “التكنوقراطية” في الحكومات
السابقة لم تكني بالنضج المأمول إلى حد كبير، وكذا حال القادمين من عالم
السياسة والأحزاب إلا ما ندر؛ كما أننا بذات الوقت لا ننكر مخاوف أن يأخذنا
خيار رجال المال والأعمال لمطارح وأماكن وتفسيرات ليست بالبال، لكن هناك
الكثير من الدول والاقتصادات التي نهضت ونجحت بقوة على أكتاف أصحاب الخبرات
والتجارب الناجحة، الذين استطاعوا تجيير أفكارهم ونجاحاتهم الشخصية
وتسخيرها لتكون بخدمة الصالح والشأن العام، والنهوض بمجتمعاتهم بأزمان
قياسية إلى مصاف الدول المتقدمة..
وبعيدا عن الحسابات والخصوصية التي تحيط بمخاض استيلاد حكومة جديدة تجمع
في وقت واحد بين الخبرة السياسية، وتحاكي النهوض الحزبي، البعثي على وجه
الخصوص، وتعمل على إعادة النظر بالتوجهات والسياسات الاقتصادية والزراعية
والصناعية والنقدية والمالية والضريبية والتصديرية والتعليمية والاستخراجية
القائمة، وسياسات التحول للدعم النقدي والأسس المتبعة، من خلال مقاربة
ومحاكاة ورؤية عصرية مختلفة للواقع والمعطيات، واستثمار أفضل للممكن
والمتاح.. وبانتظار الإعلان عن شخصية رئيس الحكومة الجديد، ومسار المشاورات
الزمني مع الجهات والفعاليات لاختيار الشخصيات التي ستشغل المقاعد
الوزارية السيادية والتقنية التي “قد” تحتاج لاختصاصات محددة.. فإننا أحوج
ما نكون لرجال دولة وشخصيات بارزة لها باع طويل في اخدمة الشأن العام،
ويشغلها بالدرجة الأولى الرأي العام، ولا تأخذها في قول كلمة الحق لومة
لائم، لنتمكن من تجاوز الصعوبات والانتصار على التحديات ومواجهتها بأقل
الخسائر وأسرع وقت ممكن.
البعث