سيرياستيبس
خالد زنكلو
تجتاح مدينة حلب هجمة إسهالات حادة، أقوى من سابقاتها في مثل هذا الوقت من السنة، عزتها مصادر طبية إلى تلوث المياه التي تسقي الخضار.
وكشفت المصادر أن أعداد المراجعين لأقسام الإسعاف والعيادات أكثر مما هي عليه في الأشهر السابقة، ما استدعى استنفار الأطباء في المشافي الحكومية والخاصة، وكذلك في المستوصفات والعيادات التي تردها مثل هذه الحالات.
وأوضحت المصادر أن الخريف هو فصل الإسهالات، ولاسيما في المدارس، حيث يعتبر الأطفال أكثر فئة مستهدفة منها، يليهم كبار السن ومرضى السكري وقصور القلب والكليتين، الأمر الذي يستلزم اتباع قواعد النظافة الشخصية في المدارس وأماكن العمل وداخل المنازل، بعد ورود حالات إسهال كثيرة لها مضاعفاتها الخطيرة ما لم يتم التداخل الطبي الإسعافي المناسب والسريع.
ودعت إلى تطبيق سبل الوقاية لتجاوز تبعات هجمة الإسهالات الحادة عبر تنظيف وغسل الخضار والفاكهة بالبرمنغنات بشكل جيد، والتشدد في نظافة مراحيض المرافق العامة والمطاعم والملاهي والمدارس، مع حظر بيع الأغذية المكشوفة والخضار الورقية في المطاعم.
وبالفعل سارعت مديرية الشؤون الصحية في مجلس مدينة حلب إلى استصدار قرار بمنع الخضار الورقية في المطاعم، وشنت حملة على بائعي تلك الخضار عبر البسطات والعربات المتنقلة، كعادتها كل عام وفي مثل هذا الوقت، حيث تتهم مياه نهر قويق الذي يعبر مدينة حلب من شمالها إلى جنوبها ويروي مساحات كبيرة مزروعة بالخضار في طرف المدينة الجنوبي وفي ريف المحافظة الجنوبي، بأنها السبب بتلوث الخضار والخضار الورقية وحدوث إسهالات حادة على نطاق واسع.
المصادر الطبية ذكرت أن أهم العوامل الممرضة المسببة لموجة الإسهالات الحادة والتهابات الأمعاء، هي جراثيم «السالمونيلا» و«الشيغيلا» و«الإي كولاي» وفيروس «نوروفاير» بالإضافة إلى الكوليرا، التي عاودت الظهور وبحالات لا بأس بها، ما يستدعي الحذر والاستنفار في مواجهة حالات العدوى تلك التي تحتاج إلى الاستجابة السريعة عبر تعويض السوائل والشوارد في المشافي، خصوصاً في حال تكرر الإسهال أكثر من ٤ أو٥ مرات يومياً، وظهور علامات التجفاف وانخفاض الضغط، إذ يصاحب إلتهابات الأمعاء المرافقة مغص البطن الشديد والوهن العام وفقدان الشهية على الطعام، ما قد يسبب قصور الكليتين، إلا أن أغلب حالات التهاب الأمعاء خفيفة يصاحبها مغص وإسهالات وقلة بول، وبعضها شديدة تؤدي إلى قصور كلوي.
المؤسسة العامة لمياه الشرب في حلب، سارعت لنفي التهمة عنها، وأكدت في بيان لها أن «المياه التي يتم ضخها إلى أحياء المدينة سليمة ومعقمة، ولا تحمل أي آثار صحية ضارة»، وأعلنت أنها تتعاون بشكل دائم مع مديرية صحة حلب، وبمتابعة مستمرة من محافظ حلب، لضمان جودة المياه.
وجدد مصدر في المؤسسة العامة لمياه الشرب بحلب تأكيده لـ«الوطن» أن المياه التي يتم ضخها «مطابقة للمواصفة، وهي معقمة ومكلورة، مع العلم بأنه يتم أخذ عينات بشكل دوري من المحطات والخزانات والشبكة على كامل أحياء المدينة للتأكد من مطابقتها للمواصفات»، وذلك رداً على الإشاعات التي تتناولها وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك شكاوى الأهالي في أحياء المدينة المختلفة.
وأكد المصدر أن فريق المؤسسة يجري عمليات قطف العينات وتحليلها يومياً من محطات التعقيم والخزانات الرئيسية، إضافة إلى شبكة المدينة، لافتاً إلى أن المؤسسة تتلقى عينات من المواطنين لتحليلها، وقد أثبتت الفحوصات سلامة المياه واحتواءها على المواصفات الصحية المطلوبة.
وأشار بيان المؤسسة إلى أن طعم المياه المتغير «يعود إلى المصدر الرئيسي للمياه في محطة ضخ البابيري، إذ إن المياه الخامية المستجرة تكون لها مواصفات متغيرة على مدار العام، وجميعنا لاحظ التغير المناخي هذا العام عن الأعوام السابقة، حيث حصل امتداد واستمرارية لفصلي الصيف والربيع حتى تاريخه وارتفاع لدرجات الحرارة غير معهود بهذه الفترة من السنة، إضافة لعدم حصول هطلات مطرية كالسابق، كل ذلك أثر على مواصفة المياه الخامية وعدم وجود مياه متجددة، وهو السبب المباشر في ظهور طعم مختلف عن الطعم الطبيعي لمياه الشرب، والمؤسسة تعمل بجميع كوادرها للتغلب على هذا الموضوع -الذي لم يحصل سابقاً- بالطرق المتوافرة وهذا تمت ملاحظته من خلال تحسن ملحوظ واختفاء للطعم وتحسن في معظم الأحياء، حتى إنه أصبح هناك خلط أحياناً لدى بعض المواطنين بين الطعم الناتج عن زيادة نسبة الكلور الذي يستخدم لتعقيم المياه، وذلك نتيجة الهاجس الناجم عن الإشاعات المبالغ فيها، والمتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي.