دمشق
- سيرياستيبس
:
من
حقنا أن نقاطع .. لكم ماذا نقاطع وكل ما نحتاجه من كفافنا حلق وصار دون امكانياتنا
وصارت المقاطعة تحصيل حاصل ..
اللافت
للأمر أنّ المتة هي المادة الوحيد التي طالب جمهور الفيس بوك بمقاطعتها لتكتشف أن المقاطعة
لم تكن إلا حالة افتراضية في عالم افتراضي تمنى شريبتها فعلا أن تتم مقاطعتها كي تبقى
متوفرة
..
فمن
دعا الى مقاطعتها لايعلم أنه وكما أن المتة لاتعني له و يستغرب كيف يمكن لمرء أن يشربها
وبالتالي هي مادة لاتضيف شيء للاقتصاد الوطني أصلا ماذا يضيف كل ما نستورده من قهوة
وشاي وشيبس وكحول ودخان للاقتصاد الوطني ؟
بالمقابل
فإنّ المتة بالنسبة لمن يشربها تشكل جزءا من
صباحاته ومساءاته وانتظاراته وتأملاته لاتكتمل
زيارة ولا جلسة ملل أو عشق او حب إلا بها فلاتستغرب ان يقول لك احد ما "المهم
ان هناك كاسة متة في هذه الحياة
"
فهي
الصديق والمؤنس والرفيق في ليالي السهر والدراسة والانتظار والحراسة الخ ...
ربما
لايقاسمها هذا الشغف عند السوريين إلا السيكارة وفنجان القهوة ..
ولكن
مايحدث أنّ الجمهور الذي لايشرب المتة يحاول نكران هذا الشغف بل ويحاربه ويدعو الى
مقاطعته
فمن
لايشرب المتة يمارس حالة من التنمر على من يشرب المتة ويعشقها ومعهم حق ?
فما
هذا المشروب الذي عبر القارات وجاءنا من الارجنتين وصار خليل ملايين السوريين في الساحل
وحمص والسويداء ومدن كاملة في ريف دمشق بل الكثير من سكان العاصمة المشروب الذي كان يأتي مستوردا بالكامل قبل أن يتم
السماح بإنشاء معامل لتعبئته في سورية وتصبح سورية لاحقا من أهم المصدرين لهذه المادة
و أرخصها ؟
ستقاطعونها
... قاطعوها فهو تصرف صحيح كي نلجم أسعارها
وفي الحقيقة المقاطعة تصرف صحيح كي يتوقف تجارالمفرق
عن احتكارها ورفع أسعارها فوق التسعيرة الرسمية
وهو
تصرف صحيح كي تتوفر لأن هناك من لايحتمل انقطاعها ؟
بل
المقاطعة اليوم هي الحل للضغط على التجار وبالتالي اجبارهم على خفض الأسعار .
في
سورية تصنف المتة على انها صناعة نظرا لانه هناك مراحل من انتاجها تجري في سورية وهي
كما الشاي تدفع رسوم جمركية 10 % ولايبدو استيرادها سهلا في ظل الحصار والعقوبات ومخاطر
التحويل
وعلى
ذكر الشاي نود ان نذكركم أنّ أسعارها ارتفعت بشكل جنوني سبق المتة بأشواط ومارس تجارها
اساليبهم حتى عجزت السورية للتجارة بجبروتها عن بيعها بسعر مدعوم للمواطن وكذلك الأمر
بالنسبة للقهوة ماذا تقولون عن أسعارها ؟
الآن
كلنا يعلم ظروف استيراد أي مادة في سورية ونعلم أنّ سورية تخضع لسياسة مركزة لتجفيف
الدولار منها وللأسف ففي الفترة الاخيرة صار ّرفع الدولار يتم بأيادي داخلية وليس خارجية فقط
و
هناك استجابة سريعة من التجار وخاصة تجار المفرق
والحلقات الوسيطة لأي رفع حتى ولو كان وهمي
.. وإن لم تأتيهم التعليمات بالرفع فهم يقومون بالأمر متجاوزين الأسعار الرسمية للشركة
الام المستوردة أو المنتجة فقد صار رفع الأسعار
موضة هذه الأيام ؟
والسؤال
.. بينما عملية رفع الأسعار باتت شبه يومية وتشمل كل السلع دون استثناء
لماذا
لم نجد في العالم الافتراضي دعوات وحملات لمقاطعة السلع التي هبت أسعارها وحلقت وتخص
أمننا الغذائي بالصميم ؟
في
لحظة ما ستفرض علينا الحياة وظروفها مقاطعة المتة والقهوة والشاي والكولا والكحول والدخان
والمعسل وستتحول هذه المشروبات الى ضروب من الرفاهية
وسنلجأ
الى أساليب اخرى للتعويض عبر خلط المتة بالزهورات .. شرب االبابونج او الزوفا بدل الشاي
مع الفطور .. شرب الدخان العربي .. الخ
نحن
مع مقاطعة المتة على أن لاتكون مقاطعة عنصرية بمعنى اجبار شريبة المتة على ترك مشروبهم
المفضل لأنّ الفريق الذي لايشرب المتة ينظر باستياء الى هذه المادة في حين يعتقد ان
بإمكانه الاستمرار بشرب القهوة والشاي رغم الارتفاع الجنوني بل وممنوع مقاطعتها ..
على
أنّ ما يمكن الحديث عنه هنا هو لجوء مستورد المتة الى التدخل في السوق عبر البيع المباشر
من قبل فرق الترويج لمنع احتكار التجار للمادة وهو ما يمكن ان يفعله مستوردو الشاي
والقهوة للدفاع عن موقفهم من ارتفاع أسعارهم بشكل سبق التة بأشواط ؟
على
كل أي تصرف نقوم به اتجاه مادة استهلاكية حتى ولو كانت مقاطعة هو تصرف شخصي تحكمه ظروفنا وامكانياتنا المادية
فعندما لا أستطيع الشراءلن أستهلك هكذا ببساطة
بالمحصلة
ليس قضيتنا المتة والقهوة والشاي والدخان ..
قضيتنا تكمن في معالجة الظروف الصعبة التي نمر بها
جميعا .. قضيتنا أن يتوقف التجار عن اتباع شياطين السوق السوداء حتى صاروا شركاء في
المضاربة بالليرة .. وأن تتمكن وزارة التجارة الداخلية من فرض سيطرتها على الأسواق
عبر تطبيق القوانين بصرامة
المهم
أن نتمكن من الالتفاف على العقوبات وصعوبات الشحن وأن نحسن التعامل مع قيصر وكل اولئك
الذين يتأمرون على وحيث نحتاج جميعا ربما الى كاسة متة لنحلل وندرك كل مانتعرض له
كمواطنين
نعلم أن انخفاض سعر المتة وحدها ولو وصل الى مادون المئتي ليرة لن يؤدي إلى انفراج
في الوضع الاقتصادي ولكن بالتأكيد انخفاض سعر الكثير من السلع الأساسية ولو كان مئة
او مئتي ليرة فقط لكل مادة سيؤدي الى تحسن في الوضع الاقتصادي وسيكون قادرا على زيادة
قدرتنا على مواجهة الحرب الاقتصادية التي تتعرض لها بلادنا وحيث جميعا متأثرين ؟
هامش1
: أخذنا المتة كمثال لأنها كانت مثار جدل في العديد من المقالات وصفحات الفيس وبالتالي
كان يمكن اعتمادها لنوصل فكرة المقاطعة بشكل صحيح للمتة ولكل السلع التي تشبهها في
كل الطروحات ؟
|