ما إن يفيق المواطن من صدمة وثقل صدور قرار يشكل له أزمة، حتى تأتيه نكبات وأزمات أشد تعقيداً، تحولت حياته إلى كابوس حقيقي لدرجة أنه فقد طعم كل شيء..!
عبء الدواء وثمنه صارا اليوم وفق بورصة أسعاره الجديدة ناراً كاوية، حيث لا يخلو أي بيت من مريض أو يتعرض أي شخص لعارض ومشكلة صحية تستوجب شراء الأدوية، وهنا الطامة الكبرى، ثمن الدواء يحتاج إلى ميزانية خاصة بعد ارتفاعات وصلت لـ100% في ظل واقع صعب للمعيشة.
أكثر من مرة في غضون شهرين رفعت شركات الدواء أسعار مبيعها، كانت حججها واهية أمام وزارة الصحة التي أذعنت تماماً لرغبات وأطماع شركات الدواء ووافقت على نشرات سعرية أشعلت النار في نفوس البشر ومهما تكن مبررات الصحة لم يكن موقفها إلى جانب المريض كما يجب أن يكون ، تذرعت بذرائع ناقصة مبتورة.. فاليوم لا يستطيع المواطن الذهاب إلى الطبيب أو الصيدلي لعدم وجود إمكانية مادية، وهو يفضل أن يموت بدلاً من زيارتهما.
إن القرار الأخير برفع سعر الدواء خطير ومنهك للمواطنين، وأسعار الأدوية هي من المشكلات التي يعاني منها أغلب المواطنين الذين لا تسعفهم إمكاناتهم المادية لتوفير الدواء والمستلزمات الطبية الأخرى، في وقت تعاني فيه المستشفيات من نقص حاد بالأدوية، ويتحمل المراجعون تكلفة شراء الأدوية من الصيدليات الخارجية بمبالغ عالية جداً.
وهنا نسأل: هل استطاعت وزارة الصحة أن تخفف من معاناة أي مريض..؟ وأي مجال فلحت فيه؟
ملفات الدواء بمشافيها عليها عشرات الإشارات والتساؤلات، نقص أدوية والمريض مجبر على شراء أدوية علاجه من الخارج، وهو يتعرض للابتزاز داخل المشفى حيث الخدمة الناقصة، وهناك غرف عناية أشبه ما تكون بمسالخ للبشر، وخدمات ناقصة، ومن يحتاج لسرير يلف «السبع لفات» وعليه الدفع.. وملف التأهيل لبعض الأجهزة مازال خارج الخدمة ولا أحد يعرف أين تصرف ميزانية الصحة الضخمة..؟ ولم تفلح الوزارة بكبح رغبات شركات الدواء التي وجدت ضالتها فقط بخيار رفع الأسعار دون غيره، ولا تأمين أصناف جديدة، ولا الذهاب بطريق الجودة الشاملة، ولا غيرها من المسائل الفنية والتجاوزات المعيارية الأخرى؟
وزارة لا تحمل من اسمها شيئاً يحمي صحة المواطن السوري مع الأسف، فقط أبدعت في حضور المؤتمرات وإعلان البيانات ونسيت مهامها وأولوياتها بحماية المواطن وتأمين علاجه ودوائه.. عندما تتحول المهام والواجبات إلى باب استرزاق تنتفي فيه كل معاني الإنسانية.
أسعار الدواء بواقعها الحالي صورة مؤلمة ووجه من أوجه تقصير الوزارة تجاه واجباتها، وهو بمنزلة إجرام خطير وتلاعب لا يستهان فيه!