سيرياستيبس
لينا عدرة
في منتصف ثمانينيات القرن الماضي جرت آخر عملية استيراد للأبقار في
سورية، لتُعَاود الجهات المعنية، مع نهاية 2017، ونتيجةً لانخفاض إنتاج
الأبقار المحلية من الحليب، استيراد بكاكير حوامل من عرق أبقار هولشتاين
فريزيان (المُصنَفة من العروق المتخصّصة بإنتاج الحليب) في محاولةٍ لترميم
النقص في أعداد الأبقار من جهة، وسدّ حاجة السوق من الحليب واللحم من جهةٍ
ثانية، وفقاً لما ذكره المحاضر في كلية الهندسة الزراعية في جامعة دمشق،
الباحث المهندس غسان عيسى الشماس، خلال حديث له مع “البعث” أشار فيه أيضاً
إلى توزيع نحو 3000 رأس من البكاكير الحوامل المستوردة إلى المباقر العاملة
التابعة للمؤسّسة العامة للمباقر، وبيع نحو 2000 بكيرة للمربين، إما
بشرائها بشكلٍ مباشر أو من خلال تقديم قروض ميسّرة لهم.
وأكد الشماس أنه إذا ما أردنا تطوير هذا الجزء من الثروة الحيوانية،
وتحقيقاً للأهداف المرجوة من عملية استيراد الأبقار مستقبلاً، فإن من
الضروري أن تتوجّه الجهات المعنية نحو دراسة أكبر عدد ممكن من المقترحات
المستندة إلى أبحاثٍ ودراساتٍ تتعلق بخصائص كلّ عرق، ومدى تأقلمه مع البيئة
السورية، إضافةً إلى تأمين ظروف الرعاية والتغذية المناسبة والخبرات
الفنية القادرة على التعامل مع أيٍّ من العروق التي سيتمّ استيرادها نظراً
لاختلاف البيئة السورية عن بيئتها الأساسية، كأن تقوم باستيراد عروق ثنائية
الغرض (حليب + لحم) بدلاً من عروق متخصّصة بإنتاج الحليب لوجود علاقة
طردية بين صفة كمية الحليب المرتفع وصفة التهاب الضرع، والاستفادة من نتائج
الأبحاث والدراسات المتعلقة بمدى تأثر المؤشرات الإنتاجية والتناسلية
للعرق المستورد مع ظروف البيئة السورية، إضافةً لتعريف المربين بالبيئة
التي تحتاجها رعاية العرق المستورد، وإيجاد طرق مناسبة لتتبع مسار رعاية
الأبقار المستوردة وتقييم عملية تربيتها لتحقيق الغاية المرجوة من عملية
الاستيراد، وأخيراً وليس آخراً العمل على تحسين عروق الأبقار المحلية
(الشامي، الجولاني، العكشي) عن طريق “الانتخاب”، أي اختيار نسبة من
الحيوانات لتميُزها بصفةٍ ما عن باقي حيوانات القطيع، ليتمّ بعدها العمل
على تزاوج الحيوانات المنتخبة للحصول على أفراد جيل ثانٍ، يختتم الشماس
حديثه.
خلاصة القول، حسب قول الدكتور شماس: إذا كان الاستيراد هو أحد الحلول
المتاحة لتعويض النقص الحاصل، فـلا بدّ من توخي الحذر والدقة أثناء عمليات
الاستيراد، والتقيّد ما أمكن بشروط الحفاظ على هذا الجزء من ثروتنا
الحيوانية، لتكلفتها المرتفعة واستنزافها للقطع الأجنبي، واختيار العروق
الأنسب والأقدر على التكيّف مع البيئة السورية.