سيرياستيبس
محمد العمر :
شكّل ارتفاع أسعار المازوت مؤخراً للشاحنات ونقل البضائع ضربة قاصمة
للأسواق، خاصة وأنها كانت تنتظر انفراجاً بهذا المسار يحلّ عقدتها من سلسلة
الارتفاعات المتواصلة التي انهكت الدخل قبل المواطن، لأن مجمل ما يُتخذ من
قرارات يكون انعكاسه على المواطن مباشرة، خاصة وأن ارتفاع المازوت – حسب
قول بعض التجار – سيتحمّل ثمنه المواطن بالنهاية، لأن الشاحنات سترفع
سعرها، وأجور النقل ستزداد بالمحصلة، لكن كله سيُحّمل على فاتورة المواطن،
متوقعين ارتفاع الأسعار بشكل كليّ أكثر من 25 بالمئة.
الغريبُ في الأمر أن ارتفاعات الأسعار في الأسواق، وخاصة المواد الغذائية
والمنظفات الأكثر استهلاكاً، جُنّت وزادت مباشرة بعد ساعات من صدور القرار
دون انتظار نفاد البضاعة في المستودعات، وقد شهدت مواد الرز والبرغل والعدس
والطحين والسكر والزيت والأجبان، والحبوب بمجملها، أسعاراً جديدة، لترتفع
أكثر من ألفي ليرة سورية لكل مادة منها، حتى أسعار الخضار زادت، فالبندورة
الساحلية ارتفع سعرها من 7500 ليرة إلى 8500 ليرة، وكذلك الباذنجان من 6500
إلى 7500 ليرة، والخيار البلاستيكي من 7500 إلى 8500 ليرة، والبصل
والبطاطا والملفوف وغيرها زادت بشكل كبير!!.
العديد من التّجار في أسواق مختلفة في دمشق، ومنها سوقا الحريقة
والبزورية، أكدوا لـ “البعث” أن رفع سعر المازوت للشاحنات بداية جديدة لرفع
الأسعار في الأسواق، بعد أن تضخّمت أجور النقل بالشاحنات المرات السابقة،
وخاصة في المحافظات، وقد انعكس ذلك على الأسواق مباشرة، وعلى معظم المواد
الغذائية وغير الغذائية، ولاسيما أنها زادت بنسبة تفوق 20 بالمئة، هذا
حالياً، ليكون الأمر مختلفاً بعد نفاد الكميات الموجودة في المستودعات،
وتوفير مواد وبضاعة جديدة بأسعار مختلفة.
أحد الصناعيين في ريف دمشق اعتبر أن قرار رفع سعر المازوت أدخل الأسواق
في خلل وفوضى، حيث ستكون النتائج قاسية على الدخل المتدني، ولاسيما إذا
واصل سعر المازوت الرسمي ارتفاعه، والذي بدوره سيرفع سعر المازوت الحر في
الأسواق، مما سيعُكس تضخماً بأسعار البضائع في كلّ القطاعات، مبيناً أنه من
المفروض أن رفع سعر المازوت يخفض من سعر المازوت الحر، ويرفع من نسبة
الإنتاج، لكن النتيجة كانت معاكسة تماماً، متمنياً أن يساهم قرار رفع سعر
المازوت بتوفر المادة على مدار الأيام المقبلة لمكافحة السوق السوداء، خاصة
وأن الفعاليات والمنشآت الاقتصادية تحصل على المازوت بأسعار مضاعفة.
عوامل خلل..!
الخبير الاقتصادي جورج خزام أكد أن ارتفاع تكاليف إنتاج المواد الأولية
ذات المنشأ الوطني التي تدخل في تصنيع المنتج النهائي، أصبح مسألة معقدة
بعد الارتفاعات المتواصلة بأسعار حوامل الطاقة، وخاصة بعد أن باتت تكلفة
البضاعة المستوردة بعد دفع الرسوم، أرخص من تكلفة إنتاج البضاعة الوطنية،
وهذا يحدث جراء عدة عوامل خلل وأخطاء، منها المتعلقة بالارتفاع المتزايد في
الرسوم الجمركية والمالية المفروضة على المواد الأولية المستوردة الداخلة
في تصنيع المنتج الوطني، وهذا سبّب تراجعاً بالعرض وكمية المواد الأولية
المستوردة، ناهيك عن الخلل الكبير بارتفاع الضرائب المالية المفروضة على
المصانع والورشات، إضافة لاحتكار استيراد بعض أصناف المواد الأولية
المدعومة من بعض الأشخاص في مراكز اتخاذ القرار الاقتصادي، مثل احتكار
العلف لبيعه بضعف السعر عن دول الجوار، وهذه بمجمله خلق عبئاً على المنتج
الوطني ورفع من تكاليف إنتاج المواد الأولية، من حيث المصاريف المباشرة
وغير المباشرة المدفوعة للوصول إلى المنتج النهائي، ومحصلة ذلك كلها ستنعكس
على السوق، والمواطن هو الخاسر بالنهاية.
وأشار خزام إلى أن المنتج الوطني بأغلبه، غير قابل للتصدير بسبب ارتفاع
تكاليف الإنتاج وتراجع مستوى الجودة، حيث إن كلّ شعارات الدعم للمنتج
الوطني هي وهمٌ كبير، وأن كلّ الأموال المخصّصة لدعم المنتج الوطني تذهب
إلى حلقات أخرى!.
واعتبر جورج خزام أن رخص اليد العاملة الحالي لأرقام قياسية غير موجودة
بكل دول العالم الأكثر فقراً بمتوسط دخل شهري 15 دولاراً تساوي أجرة ساعة
عمل في أوروبا، وهي بمثابة فرصة من أجل تخفيض تكاليف الإنتاج وتخفيض
الأسعار من أجل زيادة الاستهلاك، ومعه زيادة الإنتاج القابل للتصدير
والبديل عن المستوردات.