سيرياستيبس :
جلنار العلي :
كشفت الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار في تقرير لها أعدته في ختام عام 2023 عن واقع أسواق الجملة ونصف الجملة في محافظة دمشق، بهدف رصد واقع المواد الأساسية ومدى توافرها، من خلال جولات تمت على مدى 3 أيام، أن كل المواد موضوع الجولة متوافرة بكميات كبيرة وأن حالة العرض متناسبة مع حاجة السوق، ولكن هناك ضعف في الطلب نتيجة انخفاض القدرة الشرائية.
وفي التفاصيل، بيّن التقرير : على نسخة منه أن المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن كالسكر والأرز والزيوت والسمون والشاي والدقيق، متوافرة بالأسواق بأنواع وأصناف متعددة وماركات تجارية عديدة، إلا أن أسعار جميع هذه المواد كانت مرتفعة لعدة أسباب منها: ارتفاع التكاليف من ضرائب ورسوم ومحروقات ونقل وأجور يد عاملة، إضافة إلى زيادة ساعات التقنين والاعتماد على الطاقة البديلة، ناهيك بتوقف السورية للتجارة عن توزيع المواد المدعومة عبر البطاقة الإلكترونية، وانخفاض توزيع المعونات من المنظمات الدولية والجمعيات الخيرية، علماً أن حالة المنافسة كانت جيدة ولم يتم رصد أي مؤشر يخل بها.
وفيما يخص اللحوم، فقد كشف التقرير أن حجم المعروض جيد ويغطي حاجة السوق أيضاً، ولكن سجلت الأسعار ارتفاعاً كبيراً لأسباب تتعلق بارتفاع أسعار المحروقات والاعتماد على الأمبيرات وتهريب الثروة الحيوانية للدول المجاورة، أما الطلب على المادة فقد كان منخفضاً نظراً لانخفاض القدرة الشرائية.
أما عن مادتي الفروج والبيض، فقد أدى انتشار الجوائح المرضية المتتالية إلى ارتفاع كبير في أسعارها، حسب التقرير، ويضاف إلى هذه الجوائح ارتفاع تكاليف الإنتاج ومستلزمات التربية، ما تسبب في خروج عدد كبير من المربين من السوق، علماً أن الطلب قليل على المادة بسبب انخفاض القدرة الشرائية.
وحول أسعار بعض المواد التي رصدتها الهيئة في جولاتها، فقد سجل كيلو السكر سعر 12600-13600 ليرة، والأرز (المصري) 13500-15500 ليرة، والزيت النباتي (دوار الشمس) 23000-24600 ليرة، والسمون النباتية 32200-34650 ليرة، أما كيلو الشاي فقد تراوح سعره بين 130-160 ألف ليرة، والدقيق 6800-7500 ليرة.
من جانبه، نفى مدير الهيئة جليل إبراهيم : وجود أي ممارسات احتكارية في الأسواق ناجمة عن قلة المعروض من السلع، فقد أوضحت البيانات الجمركية التي اطلعت عليها الهيئة أنه لا يوجد قلة بالمستوردين كما يشاع، فمثلاً تبيّن وجود نحو 13 مستورداً لمادة السكر، و140 مستورداً لمادة الرز، وهذا الأمر ينفي وجود حالة احتكارية، ويؤدي إلى حدوث اختلافات بالأسعار بين المواد، لافتاً إلى أن معظم رفوف المتاجر تمتلئ بالبضائع، فالقسم الأكبر من المواطنين لا يشتكون من فقدان المواد وإنما من عدم قدرتهم على شرائها نتيجة لارتفاع الأسعار بشكل كبير مقابل دخولهم المنخفضة، مؤكداً أن الأسواق تعاني ركوداً كبيراً من حيث حركة الشراء.
وتابع: «قد يكون هناك احتكارات لدى بعض التجار على صعيد كميات قليلة تندرج عقوباتها تحت قانون حماية المستهلك الذي تنفذه الدوريات التموينية، وهنا يكمن الاختلاف بين هذا القانون وقانون الهيئة الذي يلحظ الممارسات الاحتكارية على مستوى أكبر، كأن يسيطر منتج ما على السوق بنسبة 100 بالمئة وأن يمارس الضغوط على أي شركة أخرى ترغب في تصنيع المادة نفسها، علماً أن هذه الحالة لم يتم لحظها طوال الفترة الماضية».
وفي السياق، رأى إبراهيم أن الحل الأمثل لزيادة المعروض من الإنتاج المحلي وخفض الأسعار، هو تقديم المزيد من التسهيلات الحكومية لتشجيع المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، بدلاً من الاعتماد على الاستيراد الذي يتأثر بالعقوبات والحصار المفروض على سورية وصعوبة تحويل الأموال من الداخل إلى الخارج.
ومن جهة أخرى، أكد إبراهيم أن قانون المنافسة يتعارض مع سياسة تحديد الأسعار التي تتبعها وزارة التجارة الداخلية نتيجة للظروف الاقتصادية والحاجة إلى السيطرة على الأسواق وضبطها وخاصة للسلع الأساسية، لافتاً إلى أنه على الرغم من هذه السياسة لكن ما زالت الكثير من السلع تشهد اختلافاً بين منطقة وأخرى، وهذا الأمر يعد جزءاً من المنافسة وتحرير الأسعار، كما أن تدخل مؤسسة السورية للتجارة بالأسواق خلق منافسة وتحريراً للأسعار غير معلن من خلال البيع بأسعار أقل، كما يحصل في الحمضيات على سبيل المثال، وهذا أدى إلى كسر الأسعار نتيجة اضطرار التجار إلى خفض أسعارهم لتصبح مقاربة لأسعار المؤسسة، متابعاً: «ومع ذلك هناك سوء فهم لمفهوم وثقافة المنافسة لدى نسبة كبيرة من العاملين في القطاعين العام والخاص».
وأكد أن الكثير من الأشخاص يوجهون اتهامات للهيئة بأنها غائبة عما يحصل في الأسواق من احتكارات وارتفاع في الأسعار، معتبراً أن هذه الاتهامات ناجمة عن المقارنة بين الدخول والأسعار، ومؤكداً أن موضوع الأجور لا يتعلق بعمل الهيئة وإنما بجهات أخرى.