سيرياستيبس :
لم تعد رائحة تحضير أكلة الـ«جظ مظ» أو «جز مز» الشعبية، تفوح فقط من بيوت أحياء شرق حلب الفقيرة، بل تعدتها إلى أحياء غرب المدينة الراقية، إثر انخفاض تكلفة إعدادها مع انخفاض أسعار البندورة والبيض، المكونين الرئيسيين للوجبة.
ففي مثل هذا الوقت من السنة تنخفض أسعار البندورة لطرح الأنواع البلدية منها في الأسواق، التي كانت تعتمد على الأصناف البلاستيكية قبل ذلك، والتي ارتفعت أسعارها إلى حد يفوق قدرة أغلبية شرائح المجتمع على استخدامها في تحضير وجبات الطعام، بعدما تجاوز سعرها 20 ألف ليرة سورية في وقت ما من الشتاء.
متسوقون أوضحوا لـ«الوطن» أنه بات بإمكانهم شراء كميات لا بأس بها من البندورة لإعداد وجبات الطعام، بعد أن انخفض سعر الكيلو الواحد منها من 10 إلى 4 آلاف ليرة دفعة واحدة بغزو البندورة البلدية، منخفضة تكلفة الإنتاج نسبياً، أسواق حلب.
وأشاروا أيضاً إلى تهاوي سعر صحن البيض في الأسواق راهناً إلى 36 ألف ليرة وبسعر التجزئة، بعد صعود أسهمه قبلاً إلى 85 ألف ليرة. لافتين إلى أن سعر الصحن يزيد من 2 إلى 4 آلاف في أحياء غرب المدينة وحتى داخل المولات، بخلاف ما هو عليه الحال في أسواق الأحياء الشعبية.
وتعود أسباب وفرة البيض وتدني أسعاره في الأسواق، إلى الإعفاءات من الضريبة المالية لقطاع الدواجن ومعاملة غير المرخصة منها معاملة نظيرتها المرخصة من حيث الدعم، ما أدى إلى زيادة عدد المنشآت العاملة بمقدار 25 بالمئة.
ودفع ذلك، وفق قول سيدة حلبية لـ«الوطن»، إلى إلغاء سياسة التقشف التي كانت سائدة تجاه البيض والبندورة، لجهة دخولهما في مكونات وجبات المطبخ والتي في مقدمتها الـ«جظ مظ» ومسقعات البندورة والبيض، واللتين كانتا في عداد الطبخات التي تطبق بحقهما المقاطعة.
وقالت سيدة أخرى من حي المشهد لـ«الوطن»: إنه يمكن شم رائحة طبخ أكلة الـ«جط مظ» أثناء التجوال في شوارع الحي وأزمة حي الأنصاري الشرقي المجاور «حيث تلجأ الكثير من سيدات البيوت إلى تجهيز هذه الأكلة لانخفاض سعرها ومناسبتها لدخل الأزواج أكثر من غيرها من الوجبات، مع ارتفاع الأسعار بشكل يفوق قدرة الكثير من العائلات على الوفاء بها».
ولا يختلف الوضع في المدينة الجامعية بحلب عما هو عليه في أحياء المدينة، حيث اعتاد المقيمون فيها من طلاب المحافظات الأخرى تحضير وتناول الـ«جز مز» لأسباب عديدة، أهمها سهولة تحضير الوجبة عبر تقطيع البندورة وإضافة البيض والزيت أو السمن إليها على النار، مع الملح والفلفل، والثوم والفليفلة الخضراء وفق الرغبة، إضافة إلى انخفاض تكلفة الأكلة إذا كانت مكوناتها في موسمها.
وتدعى، أو بالأحرى كانت تدعى، الوجبة، بـ«أكلة الدراويش» أيام رخص أسعار البيض والبندورة ومسايرتهما لدخول أغلبية شرائح المجتمع، إلا أن ارتفاع أسعارها في غير موسمهما حرم موائد الحلبيين، والسوريين بشكل عام، من أهم الأكلات الشعبية.
وتشتهر حلب ومحافظتا الساحل السوري بتحضير الـ«جظ مظ»، وأصل الكلمتين المعربتين من تركيا، وبالتحديد من لواء اسكندرون، حيث انطلقت إلى المطبخ السوري واللبناني بالاسم ذاته، وإلى باقي مطابخ الدول العربية، إذ تعرف في الأردن ومصر باسم «شكشوكة» في حين تدعى في المغرب وتونس باسم «تكتوكة».