كتب علي عبود
بعد أن كشفت أجهزة الرقابة عن وجود أنواع من الرز “المسرطن” واللحوم
الحمراء الرخيصة والمغشوشة، والقمح المتعفن، فإننا نقول للمستهلكين: احذروا
السلع الغذائية الرخيصة جداً والمجهولة المصدر.
نحن، هنا، لا نتحدث عن الأسواق السورية، وإنما عن الأسواق اللبنانية التي
أدمن البعض على الترويج بأن أسعار المواد الغذائية فيها أجود وأرخص!
نادراً جداً ما نجد في أماكن بيع اللحوم في لبنان من يعرض الذبيحة “معلّقة”
ليختار منها الزبون القطعة التي تعجبه، فاللحوم المجمّدة يتمّ خلطها مع
اللحم الطازج وتباع كلحوم بلدية “فريش”، والمحال القليلة التي لاتزال تحافظ
على سمعتها وزبائنها “الدسمين” تباع اللحوم فيها أغلى من مثيلتها السورية!
والسؤال: ما أسباب ارتفاع مستوردات لبنان من اللحوم المجمّدة الرخيصة جداً
من 1558 طناً عام 2019، إلى 10100 طن عام 2022، وإلى أكثر من 7560 طناً في
الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023؟
إن ارتفاع حجم مستوردات لبنان من اللحوم المجمّدة بما يزيد عن 6.5 أضعاف من
جهة، ومصادرة كميات كبيرة من الشاحنات المحمّلة باللحوم الفاسدة ومجهولة
المصدر في سورية، يؤكد أن التّجار اللبنانيين يستوردون اللحوم المجمّدة
لضخها في السوقين اللبنانية والسورية، بل إن الأسواق الشعبية في سورية،
وخاصة في دمشق، تبيع اللحوم بأسعار رخيصة ومريبة!!
وآخر “الصرعات” اللبنانية الإعلان عن عروض “مغرية” لذوي الأجر المحدود
يُباع فيها كيلو اللحمة بمبلغ 400 أو 500 ألف ليرة فقط (5.5 دولارات)!!
ولا يختلف الأمر بالنسبة لسلع غذائية أخرى، فمن يُقارن أسعار الأرز في
لبنان وسورية ليبرهن بأن أسعاره “عندهم” أرخص من “عندنا”، لم يشر إلى صفقة
الأرز المسرطنة التي دخلت الأسواق اللبنانية، ويصعب كشفها بعد تعبئتها
بأكياس أنيقة إلا بالتحليل المخبري. وبالتالي من الطبيعي أن يكون الأرز
المسرطن اللبناني أرخص من الأرز السوري المستورد، بل نحذر من دخول كميات من
هذا الأرز المشبوه تهريباً إلى سورية بالتنسيق مع مافيات التهريب في
البلدين!
وما يُقال عن الأرز ينطبق أيضاً على صفقة القمح المتعفن، فقد تسلّلت كميات
كبيرة منها إلى الأسواق اللبنانية لتصنع منها الخبز والحلويات والمعجنات في
المطاعم والمحلات والمولات، وكلها تباع كسلع فاخرة معروضة بأشكال أنيقة
أرخص من مثيلتها في سورية.
ومن يُشكّك بهذه المعلومات فليعد إلى التحقيقات التي نشرها منذ سنوات
تلفزيون لبناني، وعرض فيها بالصوت والصورة تقارير مرعبة عن الحجم الهائل
بالغش الحاصل في كل المواد الغذائية، وتحديداً اللحوم والفروج والأجبان،
وبانعدام الحدّ الأدنى من الشروط الصحية في أرقى المطاعم الفنادق، والتي
كشفت التقارير المصورة انتشار الأوساخ والحشرات في مطابخها التي تعدّ
الوجبات الفاخرة، أو تقوم بتغليف الأغذية لبيعها في الأسواق والمحلات
والمولات والمطاعم!
وفي الوقت الذي تنشط فيه أجهزة الرقابة عندنا في سورية، فتصادر كميات كبيرة
من السلع المخالفة للمواصفات وتنظم الضبوط بأصحابها، على الرغم من اتهامها
بالتقصير، فإن الرقابة باعتراف المسؤولين والإعلام اللبناني شبه غائبة في
لبنان لنقص في الكوادر والمخابر، بل إن الصفقات الغذائية المسرطنة
والمتعفنة ومافيات بيع اللحوم غير الآمنة وغير الصالحة للاستهلاك البشري
محمية من قيادات سياسية!
الخلاصة: احذروا السلع الرخيصة جداً، سواء المعروضة في الأسواق
اللبنانية أم السورية، فلا يمكن بيع أي سلعة آمنة صحياً وصالحة للاستهلاك
بأقل من تكلفتها، إلا إذا كانت مغشوشة أو فاسدة أو انتهت صلاحيتها، وكفاكم
المقارنة بين أسعار المواد بين سورية ولبنان، فحتى البنزين اللبناني الذي
يُباع على الطرقات كشفت التحاليل أنه مخلوط بالماء والزهورات!!