باتت المنظفات المصنّعة في الورشات الصغيرة والبعيدة عن العين الرقابية
أكثر رواجاً واستقطاباً للمواطن الذي يبحث عن السلع الأرخص، وهذا ما ساهم
في انتشار أنواع كثيرة من المنظفات من مصادر غير معروفة التي لا يُذكر
عليها تاريخ صلاحية أو مكونات، وليس هناك من شركة معيّنة مسؤولة عن
صناعتها، وليس هناك ما يدلّ على ترخيص لشركة ما، وقد تسبّبت تلك المواد ذات
التركيز العالي وغير العلمي بأمراض جلدية وتنفسية عديدة، إضافة إلى تعطيل
الكثير من الأجهزة الخاصة بالتنظيف كالغسالات.
وما يُقلق في الموضوع أن هذه البضائع ونتيجة لتفشي الغلاء أصبحت قبلة
المواطنين الذين يلجؤون إلى هذه السلع مجهولة المصدر لانخفاض سعرها، غير
عابئين سواء إن كانت تصلح للاستخدام البشري أم لا وبدون النظر إلى ما إذا
كانت هذه البضائع منتهية الصلاحية أم لا، وهذا تصرّف لا يمكن أن نلقي فيه
باللوم على المواطنين المنهكين من ارتفاع الأسعار، وإنما على التّجار الذين
بطمعهم وشجعهم أوصلوا المواطنين إلى درجة من الفقر الشديد، بحيث لم يعد
يهمّهم سوى تأمين حاجياتهم بغضّ النظر عن أي شيء آخر، بالإضافة إلى أن
البضائع ذات الماركات المعروفة لم يعد لها ذات الفعالية والتأثير كما كانت
سابقاً.
الدكتور محمود أبو لطيف اختصاصي بالأمراض الجلدية أشار إلى أن الكثير من
المواطنين يشترون مواد تنظيف مجهولة المصدر وغير مطابقة لشروط الصحة، وهذه
المواد تُباع في الأسواق حالياً، منها الشامبو والصابون، وحتى مواد تنظيف
الملابس، والمواطن يشتري هذه المواد من دون أن يعلم مضارها على صحة وبشرة
الإنسان، فمنها ما يسبّب الأكزيما ومنها الآخر ما يسبّب تساقط الشعر، لهذا
على المواطن أن يتأكد قبل أن يشتري من هذه المواد أن تكون مطابقة لمعايير
الجودة والصحة العالمية، فدرهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج.
الكثير ممن التقيناهم أكدوا أنهم يستخدمون المواد الأكثر رخصاً، بغضّ
النظر عن الجودة، وذلك بسبب الظروف المادية وارتفاع أسعار المواد ذات
الجودة، وهذا ما أكده أحد أصحاب المحال الذي قال: منذ شهور قمتُ ببيع مواد
تنظيف مجهولة المصدر، وذلك للطلب الشديد عليها وتتفاوت جودة هذه المواد بين
الرديء والجيد، فهناك بعض الشركات الشهيرة تقوم ببيع مواد تنظيف جيدة
معبأة بأكياس أو علب بلاستيكية من دون وضع أية علامة تجارية عليها، وذلك
لمحاولة إقناع المستهلك بأنها أرخص من باقي الأصناف، أما بالنسبة للأنواع
الرديئة فهي مصنّعة من قبل ورشات لا تطبّق أي معيار من معايير الجودة
والصحة، وعلى سبيل المثال يدخل في المكون الأساسي في مواد التنظيف مادة
الملح، فتقوم ورشات تصنيع مواد المنظفات بوضع مادة الملح بما يقارب 5 أضعاف
أكثر من النسبة اللازمة وذلك ليكسبوا وزناً أكبر ويحققوا بذلك ربحاً أكبر.
مديريات التموين ومن خلال جولاتها أكدت عبر العديد من التصريحات أن
محاولة استغلال الباعة المتجولين لحاجة المواطن لا يمكن أن يوضع لها حدّ من
قبل الجهات الرقابية فقط، فهذه المسؤولية تقع أيضاً على عاتق المواطن
المستهلك، فعليه أن يقدّر مصلحته وأن يكون واعياً لما يشتريه، فعند شراء
المواطن لسلعة غير مطابقة لمواصفات الجودة يكون قد شجّع بدوره الباعة
الغشاشين والمستغلين على الاستمرار في بيع المواد السيئة والمغشوشة.
وبالنسبة للدوريات التموينية ودورها في مكافحة الظاهرة، بيّنت هذه
التصريحات أن الدوريات تراقب جودة وأسعار السلع الموجودة في الأسواق، سواء
أكانت غذائية أم غيرها، بحيث تقوم بضبط المخالفات الموجودة، وهناك الكثير
من الضبوط التي كانت بحق محال مخالفة تقوم ببيع مواد مجهولة المصدر، ولكن
ذلك لم يمنع أو يحدّ من وجود المخالفات طالما أن هناك سوقاً رائجة ونشطة
لهذه المواد وخاصة في الظروف الحالية.