سيرياستيبس :
محمد العمر :
اختلفت أنماط استهلاك المواطن للفواكه هذا العام، بعدما شهدته الأسواق من
سلسلة ارتفاعات غير مسبوقة، فالأسعار تضخمت كثيراً، وبات أصحاب الدخل
المحدود غير قادرين على مجاراة شراء الفواكه بأسعارها الكاوية، والتي لم
تنخفض بمختلف أنواعها دون 10 آلاف ليرة سورية، كالمشمش والكرز والخوخ
والدراق والعنب والتين الشوكي، وعلى الرغم من حدوث بعض الانخفاضات الطفيفة
على سعرها، إلا أنها لم تشجع إلى الآن على شرائها للمواطن بالشكل المغري.
عدد
من المواطنين ممن التقتهم “البعث” خلال جولتها أكدوا معاناتهم المريرة، بل
عجزهم عن شراء الاحتياجات اليومية من الفواكه لارتفاع أسعارها بشكل يفوق
قدرتهم الشرائية، حيث باتوا يشترون الحدّ الأدنى من احتياجهم اليومي من
الخضار وبعض الفواكه المنخفضة، فالبطيخ يشترون الصغيرة منها، والمشمش
والدراق وغيرها بالغرامات، مشيرين إلى أن شراء الفواكه وحده يحتاج ميزانية
خاصة وهو غير متوفر حالياً.
قلة التوريد
تجار
في سوق الهال أرجعوا ارتفاع أسعار الفواكه
والخضراوات هذا الصيف إلى قلّة العرض والتوريدات من سيارات الفواكه إلى سوق
الهال بالزبلطاني، وقلّة العرض من المزارع نتيجة موجة الحر الشديدة التي
ما زالت تأتي، ومدى تأثير الحرارة على نمو أزهار الفواكه هذا من ناحية، ومن
ناحية ثانية، فقد لعبت أجرة النقل من وإلى سوق الهال دوراً كبيراً في
ارتفاع المحاصيل الزراعية، خاصة وأن ارتفاع النقل هذا العام اختلف كثيراً
عن العام السابق بنسبة تقارب 100%، وأجرة الشحن حسب قولهم تؤثر مرتين، مرة
عند شحنها لسوق الهال، ومرة حين يتمّ تحميلها لبائع المفرق من سوق الهال،
فأجرة السيارة التي كانت نصف مليون ليرة إلى سوق الهال من الأسواق الداخلية
بريف دمشق، باتت اليوم مليون ليرة، وكلّما زادت المسافة ارتفعت أجرة النقل
مما يؤثر على السعر، سواء عند بائع المفرق أو الجملة.
التصدير هو السبب!
عضو
لجنة تجار ومصدّري الخضراوات والفواكه بسوق الهال محمد العقاد أكد أن
الفواكه متوفرة في الأسواق بشكل مقبول، ولكن ارتفاع أسعارها يعود إلى
التصدير المتزايد للخارج وزيادة الطلب عليها، ناهيك عن ارتفاع تكاليف
إنتاجها، لافتاً إلى أن أسعار الفواكه ارتفعت عن العام الماضي بنسبة لا
تقلّ عن 90 بالمئة، وأن بعض البائعين لا يعتمدون على الأسعار المحدّدة في
النشرة الرسمية، بل يحدّد كل بائع أسعاره وفقاً لتكلفته في النقل والشحن
وحسب ظروف السوق.
الخبير الاقتصادي والزراعي محمد القاسمي رأى أن أسعار الخضار والفواكه
تضخمت كثيراً عن السنوات السابقة، وبات المواطن غير قادر أبداً على شراء
الفواكه وخاصة المشمش، وتبقى الأسباب والمبررات هي نفسها ومكررة، سواء كان
بالصيف العائد لارتفاع درجات الحرارة، أو بالشتاء المتعلقة بتقلبات الطقس
وحدوث الصقيع وتأثير ذلك على سعر المحاصيل وكميات العرض، كذلك الأمر
للخضراوات، حيث يعاني المواطن من عدم قدرته على تأمين قوته اليومي منها في
ظلّ الفجوة الكبيرة بين الأجور وأسعار السلع المختلفة، وهذه الارتفاعات
غيّرت سلوك ونمط الاستهلاك، وجعلت الكثير يحجم عن شرائها أو تخزين بعضها
كالملوخية والبازلاء والفول والثوم وغيرها.
وحسب
قول الخبير، فإن انخفاض صادرات وعدد برّادات الفواكه المصدّرة إلى كمية 20
براداً تقريباً يومياً، كما هو مشار إليه بالبيانات جمركياً، لم يؤثر أو
يخفض من سعرها، فالعام الماضي كان التصدير يصل إلى 30 براداً يومياً من
الفواكه والخضراوات، أما اليوم فالتصدير أقل من السابق والأسعار أعلى، مما
يدلّ على قلة العرض من المنتجات الزراعية، وهو ما تمّ التحذير منه بالأعوام
الماضية من انهيار القطاع الزراعي دون دعمه بالشكل الصحيح من الدولة،
لافتاً إلى أن الفلاح بات اليوم يتكلف كثيراً بمدخلات الإنتاج من محروقات
وقطاف وأسمدة وبذار وحراثة وأيدي عاملة ونقل وتحميل، كلّ ذلك ارتفع وتضخم
لتحمّل على فاتورة الشراء كلّ هذه التكاليف!