سيرياستيبس
كتب بشير فرزان :
بضائع مستعملة وأخرى مستهلكة ومتهالكة لدرجة كبيرة، إلا أن لها زبائنها
من الباحثين عن قطع تبديل يرغبون بالحصول عليها مهما كان وضعها، وطبعاً هذه
المواد التي تفترش الأرض في سوق شارع الثورة القريب من منطقة “المناخلية”
الذي يضمّ محلات وبسطات تمتهن بيع الأدوات الصحية المستعملة أو العدد
الصناعية أو الألبسة والأحذية وغيرها من المستلزمات التي تجذب اهتمام
الناس، وطبعاً عمليات البيع تتمّ بالتراضي بعيداً عن أي نشرة أسعار، فصاحب
البسطة هو من يحدّد السعر القابل للبازار الذي يُبنى على مقارنة أسعار
المواد المستعملة مع أسعار الجديد منها، وخاصة تلك البضائع التي تضاهي
الجديدة من حيث الجودة بل أفضل لكونها مستوردة ومن ماركات معروفة وتنافس
بأسعارها المنخفضة تحت تسمية “المستعملة”.
ولا شكّ أنه في سوق المتعيشين والبسطاء يمكنك أيضاً أن تجد أشياء كثيرة
وملفتة لن تتوقع وجودها، كخواتم الفضة والنظارات الطبية أو الشمسية
والنحاسيات والزجاج والألبسة المستعملة والساعات الأصلية القديمة وغيرها من
الخرداوات الغريبة لتقف أمام حقيقة مفادها أنك في سوق متنوع فيه كلّ شيء
لكن دون معرفة مصدر البضائع الموجودة، رغم أن التسمية الشعبية للسوق
والمتداولة بين الناس “سوق الحرامية” تعطي مؤشراً عن مصدرها.
أحد الباعة الذي يطلقون عليه اسم العصفور “وفق ما ادّعى” عند الحديث معه
أكد أنه يشتري بضاعته من المتعيشين الذين يقصدون بسطته لبيع ما يلتقطونه
من الخرداوات والمواد القديمة، ومنهم من يعمل في نبش القمامة وجمع
الخرداوات من الحارات، بالمقابل بيّن مهند كمال الدين الذي يبيع أدوات صحية
على بسطه أنه يشتري الأدوات المستعملة من أصحابها الذين يبيعونها لأسباب
متعدّدة، حيث يقوم بإصلاحها وتجديدها ثم بيعها للناس بأسعار مقبولة.
محمد سيف الدين وهو من الرواد الدائمين لهذا السوق، أكد أن واقع السوق
وحركته النشطة معروفة للجميع على مدار سنوات طويلة، ولكن ما يثير الانتباه
أنه في هذه الأيام يعاني أيضاً من الكساد والركود في الحركة التجارية،
نظراً لارتفاع أسعار المواد فيه وعدم تناسبها مع قدرة الناس الشرائية،
إضافة إلى الجمود الحاصل في سوق العمل بكافة المجالات، وأشار إلى خروج هذه
الأسواق من تصنيف الشعبية فلم تعد ملاذاً للفقراء، فالفارق السعري الكبير
والشاسع بالمقارنة للأسواق الأخرى بات أيضاّ غير مغرٍ لذوي الدخل المحدود
الذين يسعون لتأمين معيشتهم اليومية، وهناك حالة من الفوضى في تقييم سعر
كلّ مادة من قبل صاحبها.
الكثير من الباحثين والمختصين والأكاديميين الاقتصاديين أدرجوا نشاط
الأسواق الشعبية ضمن منظومة عمل اقتصاد الظل، لأنها نشاط تجاري بعيد عن
أجهزة الرقابة الضريبية وغيرها، ومن الصعب برأيهم ضبطها أو تنظيم حركة
البيع فيها.