سيرياستيبس :
تزداد
المعاناة في الأسواق اليوم مع ارتفاع تضخم السلع والمنتجات، وخاصة
الغذائية منها، ليؤثر ذلك على القدرة الشرائية للمواطن ويخفّف من نسبة
الاستهلاك اليومية مما ينعكس سلباً على القطاع التجاري وزيادة في الكساد،
ولعلّ أسوأ نتائج سياسة تخفيض الاستهلاك المتبعة اليوم، حسب قول خبراء
الاقتصاد، هي زيادة الكساد المترافقة مع عملية تجفيف الاستيراد في سبيل
تخفيض الطلب على الدولار، لتظهر البضاعة الكاسدة بسبب ضعف القوة الشرائية
للدخل على أنها فائض بالإنتاج متوجبة التصدير، لتزداد الرؤية الاقتصادية من
الفعاليات الاقتصادية والتجارية بضرورة تحسين القوانين وإصلاحها، والعمل
على رفد الأسواق بقوانين مرنة تتفاعل وتنسجم مع إمكانيات الأسواق
المتواضعة.
عضو
غرفة تجارة دمشق ياسر أكريّم أكد أن مشكلة الأسواق اليوم معاناتها من وجود
قوانين اقتصادية لا تخدمها، فالقوانين قبل الأزمة لا تصلح ما بعد الأزمة،
حيث يجب إصلاح القوانين وإحداث قوانين إصلاحية اقتصادية سريعة تخدم الوضع
الحالي وتدعم العملية الإنتاجية، معتبراً أن القوانين الاقتصادية اليوم
صعبة الفهم على أغلبية المستوردين، وأدّت مع غيرها من العوامل إلى رفع
أسعار المواد في السوق، ومنها نشاط السوق السوداء التي لم تتوقف منذ زمن
طويل ولكن زادت اليوم، خاصة وأن هذه الأسباب باتت تعقد العمل التجاري بعد
زيادة دورة رأس المال التي هي بطيئة بالأصل، وهذا الأمر يحتاج إلى إيجاد
بيئة تشريعات جديدة مرنة تساعد قطاع الأعمال على الحركة دون تقييد، ومنها
معالجة الإجراءات المشدّدة من البنك المركزي المتعلقة بعمليات الاستيراد
والتصدير. وحسب قوله، لا بدّ من تخفيف أيضاً إن لم يكن إزالة تلك التقييدات
التي تعيق عملية سحب الليرة من البنوك والمصارف، خاصة وأن هذه العمليات أو
الإجراءات المتشدّدة لم تحقق فائدة على مستوى محاربة التضخم الاقتصادي أو
تخفيض سعر الصرف والعجز التجاري، بل كان العكس تماماً من تدني مستوى
الإنتاج وغياب التنافسية في الأسواق وتراجع نسب الاستثمار.
ويذكر
اكريم أنه رغم استقرار سعر الصرف، إلا أن هناك خللاً في الأسواق من حيث
غلاء الأسعار، منها عوامل تتعلق بارتفاع زيادة حوامل الطاقة والكهرباء،
وأخرى تتعلق بقلة الاستيراد وانخفاض أعداد مستوردي المواد كافة، نتيجة وجود
مشكلات بقوانين الاستيراد.
خلل الاستيراد
ويتفق
المراقبون اليوم مع قطاع الأعمال والتجارة بضرورة معالجة الأسواق عبر
إصلاح القوانين الاقتصادية، وزيادة الطلب على المواد والمنتجات من خلال دعم
العملية الإنتاجية وتطويرها وزيادة عجلة العمل، لأن تراجع كمية البضائع
المعروضة للبيع مقارنة بحجم الطلب، أدى لارتفاع الأسعار رغم استقرار سعر
صرف الدولار مقابل الليرة السورية، حتى أنه أثر على حركة التصدير نتيجة
تراجع الطلب الخارجي بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج بشكل كبير ترافقاً مع ضعف
القوة الشرائية لدى المواطن.
الخبير
الاقتصادي جورج خزام أوضح أن أسباب ارتفاع أسعار جميع أنواع البضائع
بالأسواق على الرغم من استقرار سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية مفاده
خلل في آلية الاستيراد والمنصة سيئة السمعة، ولاسيما أن هناك تراجعاً
كبيراً بالبضائع المستوردة أو المحلية المعروضة للبيع.
وبيّن
أن منع استيراد بعض المستوردات الضرورية وتخفيفها بحجة تخفيض الطلب على
الدولار، ورفع تكاليف إنتاج البضائع الوطنية نتيجة رفع أسعار الكهرباء
الصناعية والمحروقات والضرائب والرسوم الجمركية، قد سببت أزمة في نقص
البضائع في الأسواق، مما زاد الطلب عليها لعدم توفرها وكان ذلك مخولاً
لتنشيط التهريب عبر المعابر غير الشرعية، مما أحدث نتائج ومنعكسات سلبية
كان منها توقف الصادرات لارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع مستوى الجودة، لأن
البضاعة الأجنبية أصبحت أعلى جودة وأقل تكلفة، وجاءت عملية تقييد حرية سحب
ونقل الأموال أيضاً لزيادة المشكلة وزيادة الطلب على الدولار في السوق
السوداء، ليجتمع هذا كله ويؤدي لخروج العديد من المصالح التجارية والصناعية
وهجرتها إلى الخارج مع أموالها بالدولار لعدم وجود تلك المستوردات، وتراجع
جودة المنتج الوطني.
ولعلّ
أهم خطوة حسب الخبير الاقتصادي جورج خزام لمحاربة التضخم النقدي وتخفيض
سعر صرف الدولار، هو إصلاح القوانين والعمل على زيادة الإنتاج القابل
للتصدير والبديل عن المستوردات، فزيادة الإنتاج لتلبية الطلب بالسوق
الداخلية والقابل للتصدير والبديل عن المستوردات، سوف يؤدي برأيه إلى تراجع
الطلب على الدولار لغاية الاستيراد، وسوف يؤدي لزيادة العرض من الدولار
بسبب التصدير والعمليات التي تجلب العملة، مما يشكل بالنتيجة انخفاضاً بسعر
صرف الدولار.
البعث