كتب أسعد عبود لسيرياستيبس :
ليس كل التعثر و الخراب القائم في حالنا بسبب الحرب .. اعلم ان الحرب انتهت و لم تنته .. لكن سواء هذا او ذاك .. حالنا يثير العجب العجاب ..وفيه الكثير مما كان قائما قبل الحرب ،واستمر معها و بعدها ..
لكننا لم نصل يوما الى ما وصلنا اليه ولا في أي حرب مرت على بلادنا ..
نحن اليوم يقودنا الجهل و الفساد .. هما تحديدا سبب هذه المعاناة المتزايدة .. و هذا الفقر المدقع ..
في القرن الماضي مثل هذه الأيام ... كان الفقر اشد بالتأكيد .. و كان فقرا اسود .. اكثر بكثير من هذه الايام .. لكنه اقترن بشيء من الامل و النزعة الى البناء و الابتكار والعمل السياسي و الاقتصادي المسؤول .. وتبني الحالة الوطنية من خلال تبني الحركة الوطنية . بمرور اشهر و سنوات قليلة .. ترسخت حركة للتطور و البناء في الشارع و ظهرت بنى سياسية و اقتصادية و اجتماعية . طابعها جميعها كان العمل و الاتجاه للخلاص ..
كانت سورية شديدة الفقر يحكمها الاستعمار و الاقطاع والبنى الاجتماعية المتخلفة .. و مع ذلك انتشرت رايات البناء الصادق .. بحثا عن الحياة الافضل باساليب شتى .. و كان لتلك الرايات ان تملأ حياتنا او حياة الكثيرين منا .. مما خلق حراكا شعبيا و على صعيد الدولة التي بدأت عملية بناء سريعة منتصرة ، رغم الظروف الصعبة التي رافقتها ..
كان البناء هم الناس و الحكومات و عليه تتنافس الاحزاب التي بدأت تأخذ دورها في حياة المجتمع و الناس .. و من بينها حزب البعث العربي الاشتراكي .. و كان يومها من انشط هذه الاحزاب ربما ..
وهكذا وصولا الى حقبة النهوض الوطنية السياسي و الاقتصادي في الخمسينات ..
مالنا اليوم تتوه بنا الرايات و لا تقلع السفن .. ؟! لا بد أن في حالنا اليوم ما يعيق كل محاولة للإقلاع مع سبق الاصرار و الترصد ..
هناك دون ريب حالة تحول دون ان ترفع السفينة مراسيها ... هناك سبب .. عائق ..
الجهل و الفساد .. الجهل بصورة الفشل الاداري المرعب .. و الفساد بكل صوره ..
اروي مثالا بسيطا يجمع الامرين معا .. لنبتعد عن الشرح و التنظير ..
منذ ايام رفعت الحكومة اسعار البنزين بمبلغ 500 ليرة لكل ليتر .. كانت هي المرة الثالثة التي تتم فيها مثل هذه العملية خلال نحو شهر ..
اقول لكم الحجة العلمية التي ربما اتخيلها تقف وراء قرارات الحكومة هذه و غيرها و امثالها ...انهم يرون انهم بدأوا برفع الوقود منذ كان ليتر البنزين بمئات الليرات القليلة . حتى وصلوا به الى مئات الألاف الكثيرة .. و لم يعترض احد - برأيهم - و بالتالي رفع الليتر كل اسبوع 500 ليرة ..مهزلة و لن يعترض احد .. يعني خلال شهر رفعوا تعباية البنزين الواحدة 25 ليترا 37 الف و 500 ليرة .. أيؤتمن هؤلاء على رزق الناس و دخولهم .. اهم من ذلك ''ايؤتمنون على ادارة الدولة و الاقتصاد بعد الحرب ..
إنه الفساد و التخلف الإداري ..
هو من أهم معيقات ان تقلع سفينة الاقتصاد السوري .
As.abboud@gmail.com