سيرياستيبس :
كتب الاعلامي معد عيسى
أسهب المشاركون في ورشة العمل الحوارية التي أقامها اتحاد نقابات العمال في توصيف واقع سوق العمل في سورية، فالحقيقة أن المراقب لواقع سوق العمل يلاحظ ارتباط السوق بالأزمات والقرارات الحكومية، فكل أزمة تخلق فرص عمل جديدة بغض النظر عن مشروعية هذه الفرص، فمثلاً أزمة الكهرباء أوجدت أسواقاً كاملة للتجهيزات يعمل بها عدد كبير من كافة الفعاليات، ولكن للأسف من دون رقابة على الأسعار والجودة.
كذلك الأمر، التضخم وانخفاض قيمة الليرة أوجد سوقاً لعدادات النقود، وباتت موجودة في معظم المحلات التجارية والخدمية، ولها تجار وموردون ومكاتب وورش صيانة وغير ذلك.
هناك نوع آخر من فرص العمل جاءت على أثر قرارات حكومية صحيحة ولكن لبلد مستقر، منظومة بناه التحتية جاهزة، ففتح حساب لكل شخص يجري عملية بيع عقار أو سيارة أو غير ذلك، شرّع لوجود عشرات الأشخاص بجانب كل دائرة مالية أو عقارية يحملون موبايلات فيها رصيد مالي جيد يقدمون الخدمات مقابل مبالغ ليست بقليلة مستغلين حاجة الناس، وضيق الوقت، كذلك الأمر تقديم الخدمات عن طريق المنصات كمنصة الحصول على جواز سفر والتي يعجز الشخص عن دخولها ولّد معها مكاتب خدمات مقابل مبالغ كبيرة.
آخر القرارات تعميم خدمة الدفع الكتروني لكافة المعاملات والفواتير والخدمات بظل غياب للتجهيزات والنت وعدم امتلاك الناس لأجهزة الموبايل الحديثة، بعد مسلسل رفع رسومها الجمركية إلى أرقام تفوق كلفة تصنيعها وشحنها ونقلها، وهذا سيخلق فرص عمل جديدة.
فُرص العمل الجديدة الناتجة عن الأزمات والقرارات الحكومية غير المنسجمة مع الواقع والظروف ربما تدخل في حسابات الحكومة عندما تُعلن عن عدد فرص العمل التي تم تأمينها خلال العام الماضي وتُسجل ذلك في المجموعة الإحصائية للمكتب المركزي للإحصاء.
مقابل الفُرص المذكورة خسرنا عدداً كبيراً من خريجي الجامعات والأكاديميين والأطباء والمهندسين والحرفيين بسبب الهجرة، وخسر القطاع العام الكفاءات والخبرات المؤهلة والمدربة بسبب تدني الأجور وخطأ معايير مشروع الإصلاح الإداري.
المشهد العام لموضوع العمالة في سورية يعيش حالة من التخبط وفقدان التوازن والمعايير الاجتماعية، ولا بد من إعادة النظر بالقرارات والمعايير الحكومية لمواجهة مفرزات الأزمة وتجاوز التشوهات التي حصلت في سوق العمل بشكل منطقي واقعي مُنصف وليس بمنع الاستقالات أو الإجازات بلا أجر.
الدول والاقتصادات تبنى بالكفاءات والخبرات المؤهلة والمدربة، فكيف سنعيد البناء والإعمار في ظل فوضى سوق العمل وخسارة الكفاءات والخبرات؟.