كتب أسعد عبود لسيرياستيبس :
لأننا فقراء .. لأسباب موضوعية و أخرى مصنعة ... و لأن الفساد مستشر في كل
مفاصل حياتنا ويفرض إرادته بقوة .. أصبحنا نغض النظر عن كل القضايا و
المخالفات و الجنح و حتى الجنايات .. و من لا يعجبه الحال يتلقى نظرة
استهزاء مقرونة بابتسامة ساخرة تتهمك بالجهل او التجاهل .. على الأقل .. ان
لم يتلقى ما هو أشد .
قبل أن ابدأ قضيتي .. أسأل :
هل الإرهاب و الحرب الذين نجعل منهما سبب الفقر الذي نعيشه بكل قهر .. هما
سببه الوحيد .. ؟
اما من دور لسوء الادارة الشديد و همة الحكومة و الإدارات المختلفة
المتخلفة و سوء النية المتوفر بشدة خدمة للفساد ...
في الفقر الذي نعيشه
دون حسابات له او لمقاومته لا سمح الله .. ؟؟
طيب .. اذا قلنا : ان الفقر ناجم عن نقص المواد و صعوبة تأمينها والعقوبات
المفروضة علينا ..علينا و على بلدنا .. و موقف الدولار منا والافضل ...
انه موقفنا من الدولار .. فما دور ذلك كله في فوضى توزيع و تسويق المواد
المتوفرة . و اخضاع المواطن في ذلك كله ل الابتزاز و التعذيب و الإذلال
.. من الذي يفرض ذلك كله علينا . .. فاصل روائي :
منذ نحو اسبوع .. عبرت عن رفض ما يجري على باب الفرن الذي أحصل منه على ما
يحق لي اخذه من الخبز بموجب التموين و حماية المستهلك .. ..
الانتظار على فرن أخر مشروع دمر للمواطن المسالم .. يصل الى ساعة و نصف الى
ساعتين و احيانا أكثر .. و على عينك يا واقف تنتظر دورك .. يعبأ الخبز و
يعطى للباعة الخفيون و الظاهرون امام عين الجميع .. و بكل جرأة تبلغ حد
الوقاحة .. يسألك البائع الصغير .. و ما أكثرهم .. يمثلون ظاهرة وجودهم و
يخفون نظام عملهم و تابعيتهم .. إن كنت تريد أن تشتري منه ...
انا قلت ببراءة :
كل هذا الخبز للبيع برا .. ؟ يعني هو خبزنا و تأخذونه من امامنا .. ؟!
فجاءني الرد .. من شاب جميل يقف بجانبي يبيع الخبز بهذه الطريقة ..؟!
ضحكة ساخرة .. و سؤال يستهجن : ليش ما بتعرف .. كل الناس بتعرف ..
سألته : كم تريد لتجلب لي خبزاتي ؟
قال : كم ربطة عندك ..
قلت : اثنتين ..
اشتدت سخريته مني .. ليس فقط لكونه شاب جميل في مقتبل العمر .. و أنا "
..... " .. بل لاني اعرض عليه ربطتي خبز فقط ..
اننهى المقطع الروائي .. و سؤالي : أما من طريقة اخرى لتوزيع الخبز .. غير المعتمدين التي أساءت للخبز و
أصحابه ..
بسيطة .. ؟! طيب .. هل تبرر مبررات الفقر التي تقدمها الحكومة ابتداء من
الارهاب و ليس انتهاء بالحرب ، حالة الفوضى هذه ..؟
هل تبرر الفوضى المرورية .. في كل شارع .. المرور المخالف .. الصعود
بالآليات فوق الأرصفة .. !!
هل تبرر الدكاكين و المحلات العديدة المقامة في الحدائق .. و على جنبات
الشوارع وفي منتصفها احيانا . هل تبرر أسعار النقل بمختلف وسائله ..
هل صحيح أن ظروفنا تقتضي منا غض النظر .. ؟! لأنها الحرب .. و لأنه الارهاب
.. يعني هل توقفت كل المؤسسات التي تلك مهمتها عن العمل ..؟! بصراحة .. لا يبدو أن أحدا يعمل .. و تساعدهم رواتبهم الكذبة .. و تساعدهم
حكومتهم الكذبة على ذلك كله ..
على من تستطيع ان تفرض العمل برواتب مثل رواتبنا .. ؟!
هذه الرواتب هيأت لاتفاق غير معلن بين رب العمل " الحكومة " والعامل .. لا
تعمل ايها العامل و أقبل بما يدفع لك و طالما انهم يعطونه تقريبا لا
شيء .. يعطيهم لا شيء . فإلى اين نصل .. ؟ الكارثة انه لا احد يسأل ..
لكن هذا النموذج السائد المستمر يوصلنا إلى الهلاك ..
فهل هناك من يسأل .. ؟!.. و هل ينتظرون ان تخرب سورية و إدارتها و مؤسساتها
.. أكثر مما هو حاصل .. ؟!
من أين سينهبون فيما بعد ذلك .. ؟!
As.abboud@gmail.com
|