سيرياستيبس :
هناء غانم :
محاور عديدة تتعلق بالتنمية الإقليمية ناقشتها ورشة العمل التي انطلقت أمس بحضور ستة وزراء تحت عنوان ما بين الواقع وآفاق تطويرها (التي أقامتها وزارة الأشغال العامة والإسكان) هيئة التخطيط الإقليمي، حيث حضر كل من وزير الأشغال العامة والإسكان سهيل عبد اللطيف ووزراء الموارد المائية والسياحة والتعليم العالي والزراعة والإدارة المحلية والبيئة وعدد من المعنيين في قاعة رضى سعيد بجامعة دمشق.
وتناولت الورشة قراءة في تجارب إدارة التنمية الإقليمية والدروس المستفادة منها مع الواقع السوري، واقع إدارة التنمية الإقليمية في سورية كما تتناول الورشة المعوقات والتحديات أمام إدارة التنمية الإقليمية إضافة لعرض مقترحات تطوير إدارة التنمية الإقليمية وغيرها من المواضيع.
وزير الأشغال العامة والإسكان سهيل عبد اللطيف أكد الحاجة لإعادة التفكير بعمق في إدارة التنمية الإقليمية وجعلها أكثر مرونة والتوجه نحو النهج التشاركي واتباع منهجية علمية لخطط العمل المستقبلية وترجمتها على أرض الواقع وتحقق تنمية مكانية عادلة تلبي الاحتياجات مشيراً إلى أهمية إدارة التنمية الإقليمية والتي تعد محوراً لطالما كان من صلب اهتمامات الحكومة باعتباره أحد الركائز الأساسية بين دور الحكومة والمجمع وأحد إستراتيجيات الحوكمة الرئيسة لإدارة استثمار الموارد والإمكانات بالصورة المثلى.
ولفت الوزير إلى أن التنمية هي عملية تشاركية بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع الأهلي مؤكداً أن الإدارة أيضاً يجب أن تكون تشاركية بين الجهات الثلاث بذلك يكون لدينا إدارة رشيدة ونستطيع من خلالها رفع معدلات التنمية الأمر الذي يؤدي إلى انعكاسها بشكل إيجابي على المجتمع وعلى الأفراد.
وأشار الوزير خلال الورشة إلى أنه وانطلاقاً من سعي الحكومة لتطوير مفاهيم الإدارة الإقليمية. تم اتخاذ بعض الخطوات باتجاه إدارة مرنة للتنمية الإقليمية أولها من خلال الإستراتيجية الوطنية للإسكان التي تشكل إطار العمل الأساسي لعمل وزارة الأشغال العامة والإسكان، كونها ترسم مجموعة السياسات التنفيذية التي تضع المحددات المناسبة لأي خطة إسكانية.
وأشار الوزير إلى أن التحديات والمتغيرات العالمية تتطلب منا أن تتضمن التنمية الإقليمية تطوير بنية تحتية مرنة مستدامة ومقاومة للكوارث تقلل من المخاطر وتزيد من قدرة المجتمعات على التعافي. مؤكداً أن إعادة تشكيل مفهوم التنمية الإقليمية وإضفاء صفة المرونة عليه أصبح أمراً ضرورياً.. ونعني في هذا التحول نهجاً يتجاوز مجرد النمو الاقتصادي أو التوسع العمراني.. حيث لا يمكن الاستمرار في اتباع نموذج التنمية نفسه بشكل منعزل من دون النظر في المفاضلة بين أهداف التنمية الإقليمية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وما يتطلبه ذلك من موارد ومؤسسات كفوءة تتطلب نماذج إنمائية تركز على الاستثمار في الأشخاص والمجتمعات.
وطالب الوزير من الحضور والمعنيين بوضع تصور لإدارة التنمية الإقليمية كعملية مرنة ديناميكية ومتجددة. تأخذ بعين الاعتبار التشاركية التامة مع المجمع الأهلي وتأخذ بالحسبان التحديات العالمية الراهنة والمستقبلية لتحويل التحديات إلى قصص بناءة تحدد قواعد العمل المستقبلية وتترجم السياسات والخطط الإقليمية على أرض الواقع ضماناً لوصول ثمار التنمية الإقليمية لجميع أفراد المجتمع وعلى كل المستويات.
الخصوصية السورية
وزيرة الإدارة المحلية والبيئة لمياء شكور قالت: إننا اليوم مدعوون لتوضيح مفاهيم التنمية والخيارات التي تنعكس على ما نريده اليوم في عام 2024 وصولاً إلى رؤية للعام 2025 إلى 2050 موضحة أن هذه الخيارات تساعد بمدخلات التخطيط الإقليمي الراهنة والمتاحة والمبنية مستقبلاً على الموارد المتوافرة والطاقات المتاحة ولفتت إلى ضرورة تفحص مفاهيم الخيارات الإستراتيجية المنبثقة عن التخطيط الإقليمي والتي تنعكس على المتطلبات الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة في سورية وتساعد في تحديد مدخلات التخطيط الإقليمي المتاحة والمبنية على الطاقات والوصول إلى مخرجات فعالة مستقبلاً في مجال التنمية الإقليمية ومواجهة التحديات التي تعترض تنفيذها والاستفادة من التجارب الدولية الإقليمية والبحث عن الخصوصية السورية في التخطيط الإقليمي وتطوير واقع الاستثمار الأمثل لموارد كل منطقة والحفاظ عليها لأن ما نقرره اليوم سوف يحدد مستقبل سورية في قادم الأيام ولسنوات عديدة..
أكثر القطاعات المؤثرة والمتأثرة
بدوره وزير الزراعة محمد حسان قطنا قال: إن القطاع الزراعي يعتبر من أكثر القطاعات المؤثرة والمتأثرة في عملية التنمية التي يجب أن تعتمد رؤية جديدة تأخذ بعين الاعتبار التوازن بين الأراضي الزراعية والكثافة السكانية حتى نتمكن من الوصول إلى الاستخدام الفعال للأراضي بحسب استعمالاتها، مؤكداً ضرورة التوجه نحو اعتماد محاور جديدة للتنمية الاقتصادية والسكانية والزراعية وفق المتاح من الموارد وتوافر الخدمات واعتماد تخطيط إقليمي مكاني، وضرورة الربط بين الأقاليم ومحاور التنمية ومابين الأقاليم ودول الجوار إلى جانب التعاون والتشاركية مع المجتمع المحلي، وإعداد دراسات خاصة للمناطق المهمشة للاستفادة من مواردها وتوظيفها بما يخدم السكان فيها.
وركز الوزير قطنا على وضع سياسات وبرامج يمكن تنفيذها على أرض الواقع والبحث عن آليات لتطبيق القانون بصرامة لنستطيع تنفيذ هذه البرامج والسياسات، وتحديد المسار الصحيح للمرحلة القادمة في إعداد المخططات التنظيمية التي تواكب وتلبي الاحتياجات السكانية والصناعية والزراعية، لافتاً إلى أهمية تحديد الأولويات والتركيز على الإدارة لكل إقليم.
المقومات المكانية والموارد الطبيعية
وزير المواد المائية حسين مخلوف قال: إن الموارد المائية أساس كل تخطيط وطني أو إقليمي، مبيناً الحاجة الماسة لوضع آليات لتطبيق الخطط والبرامج. لافتاً إلى أننا بحاجة إلى آلية لتقييم مدى الالتزام بتطبيق برنامج الإطار الوطني الذي وضع على مستوى القطر.
وقال مخلوف: للأسف نحن نضع البرامج والخطط والتشريعات لكن السؤال هل يتم الالتزام بالبرامج والخطط؟ وأين نحن من ذلك؟
وأشار إلى أهمية الاعتماد على المقومات المكانية والموارد الطبيعية في الأقاليم التخطيطية وضرورة وجود آليات محددة وممنهجة تحدد مدى الالتزام بالأطر الوطنية والبرامج التنفيذية التي تم اعتمادها في تنفيذ الإستراتيجيات التنموية لافتاً إلى ضرورة التركيز على استثمار الموارد الطبيعية والبشرية وترسيخها للنهوض بواقع التنمية المستدامة في الأقاليم المحددة في الإطار الوطني ومواكبة احتياجاته وتحديد سياسات دقيقة وممنهجة ومرنة وترجمتها عملياً من أجل الوصول إلى التنمية الوطنية المستدامة.
استثمار كل ما هو جميل
وزير السياحة محمد رامي مارتيني أكد أن التنمية الإقليمية تعني تنمية محلية شاملة وبمشاركة المجتمع المحلي، مشيراً إلى أن الاستفادة من تجارب الدول في مجال التخطيط الإقليمي والتنمية العمرانية والسكانية واستثمار الموارد مهمة لجهة تحقيق التنمية المستدامة لسورية ما بعد الحرب في ظل ضرورة معالجة العراقيل التي تواجه عملية التنمية الإقليمية والوطنية الشاملة داعياً إلى التوجه لاستثمار كل ما هو جميل في سورية والأهم الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في التخطيط الإقليمي مشيراً إلى أن المجتمعات الأهلية والمحلية يجب أن يكون لها دور كبير في رسم مستقبل التجمعات الحضارية والريفية وكل النشاطات الاقتصادية، كما دعا هيئة التخطيط والتعاون الدولي لوضع دراسة جديدة ومعمقة وإعادة النظر بالبرنامج الوطني لسورية ما بعد الحرب وخاصة أنه وضع في عام 2019 والتشبيك والتنسيق التام مع هيئة التخطيط الإقليمي.
تصويب الخريطة التعليمية
وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام إبراهيم قال نحن شركاء مع معهد التخطيط الإقليمي ولنا دور بالنهوض وتنشيط الأقاليم السبعة من حيث الإطار الوطني مشيراً إلى أنه يتم العمل حالياً على تصويب الخريطة التعليمية سواء الجامعات العامة والخاصة والمعاهد بحيث تراعي التوزع الجغرافي وأشكال الأنشطة مع اختصاصات الجامعات وخاصة أن هذا التوزع غير صحيح.
وأكد ضرورة التركيز على الإدارة المكانية المتكاملة وتأمين الخدمات المطلوبة وتنفيذ المشاريع الاستثمارية لتطوير واقع التنمية الإقليمية في مختلف القطاعات.
إستراتيجية مستدامة متوازنة
وفي تصريح أكدت الدكتورة ريما حداد رئيس هيئة التخطيط الإقليمي أنه تم وضع إستراتيجية للتنمية الإقليمية المستدامة المتوازنة تتمحور حول تعزيز المكانة الإقليمية والاقتصادية وتعزيز الإمكانات الإقليمية اجتماعياً. مشيرة إلى أنه من أجل تنفيذ التنمية المتوازنة للإقليم تم وضع برنامج زمني لتنفيذ الإجراءات والمشاريع المقترحة موزعة في مجال زمني كل خمس سنوات بما ينسجم مع الخطط الخمسية وبهدف تحقيق الأهداف المرجوة.
في بداية الورشة تم عرضان لواقع إدارة التنمية الإقليمية في سورية والمعوقات والتحديات أمامها. موضحة أن هناك خللاً كبيراً في مفهوم التخطيط والتنمية.
خلل كبير
الدكتور أكرم القش قال: إن هناك خللاً كبيراً في مفهوم التخطيط والتنمية وإننا أمام مشكلة نحن بحاجة لإعادة النظر بكل القوانين والتشريعات وبحاجة إلى آلية لتوضيح آلية التخطيط والتنمية في سورية.
مداخلات:
وأشار المشاركون في مداخلاتهم إلى أهمية استثمار أبرز ما تتميز به المحافظات وتنمية المناطق الريفية وإعداد الخرائط الإقليمية المناسبة وفق الفرق المتخصصة لتحديد الأولويات والبرامج اللازمة للتنفيذ، وإيلاء الاهتمام للإدارات الإقليمية في تطوير واقع العمل وتفعيل دور المجتمع في التشاركية مع الجهات الحكومية، كما طالبوا بتحديد الهوية العمرانية للمناطق السورية مع المحافظة على المدن التراثية ومراعاة أسس التوسع في التخطيط العمراني والسكاني وتحقيق التنمية الإقليمية.