كتب الاعلامي أسعد عبود لسيرياستيبس :
لا تستطيع أن تبني رؤية اعتمادا على اي معطى جديد تفرزه لك الاسواق و
الشوارع و كل جوانب الحياة .. إن كنت تجهل العوامل المؤثرة و الاسباب و
الدوافع .. وعندنا نجهل كل شيء .. ربما حتى تاريخ الغد .. !!
كيف حصل .. ؟ .. لماذا حصل .. ؟ لا احد يسأل ولا احد يعرف .. نتلقى كل شيء
كأنه القدر .. و لا حراك فينا .. لأنهم علمونا ألا نسأل و ان لا نتكلم ..
!!
من قريب الزمن .. كنا نسأل .. و كثيرا ما كنا نسمع رداً صادقاً او كاذباً ..
المهم أنّ هناك في ذاك الجدار الذي نسأله حياة كافية ليجب ..
اليوم تحول الجدار إلى جب عميق .. تنده فإن جاد بالرد كان رده صدى عميق
بعيد غير معني ولا يعني شيئا ..
سألنا كثيرا لماذا يرتفع سعر البنزين و أنواع المشتقات النفطية أسبوعيا .. و
كأن رفع الأسعار نوع من الثرثرة .. ليس إلا ..؟! وذهب سؤالنا العليل في
غياهب الجب .. لا صوت ولا صدى ..
اليوم لن أعود للسؤال أو اي سؤال آخر يشابه .. على العكس من ذلك .. أسأل عن
سر تراجع محدود في أسعار بعض السلع الاستهلاكية الهامة مثل البيض و الفروج
.. ؟
هل هي مزحة .. ؟ ام فعلا عاد قانون العرض و الطلب ليعمل في الأسواق السورية
بعد أن خنق طويلا بفعل سياسات الحكومة و الإدارة الاقتصادية .. و رغم انني
لا أعول كثيرا على رأفة السوق و العرض و الطلب بنا و أحوالنا .. لكنه أرحم
من قرارات الادارة الغبية لحكومتنا .. و أرى بالضرورة أن يبعدون ايديهم و
قراراتهم عن صحوة قد تتجلى في حركة الاسواق .. مدفوعة بتنشيط العرض و
الطلب ..
الطلب شديد الى درجة الجوع .. ولا بد ان يخلق ذلك تنشيطا في العرض .. فأن
ابتعدت يد الرقابة الغبية و سموم الفساد .. ربما تكون خطوات أولية للعبور
باتجاه الافضل ..
في الحياة اليومية للأسواق السورية تطالعنا أساليب و ادوات تجارية .. لبست
حديثة تماما .. لكنها تستعين بالحديث .. بوسائل التواصل الاجتماعي مثلا .. ورغم ما يعتريها من إشكالات كبيرة .. ألا انها تتلمس طريقها .. تعترضها
فقط صعوبات الوضع العام في النقل و الكهرباء و الامان و الامن و الفساد و
سوء الاخلاق .. واتمنى أن تبقى الحكومة بعيدة عنها و هن كل النشاطات
المبتكرة في التجارة و الزراعة والصناعة ..علنا ننتمي يوما للمستقبل القادم
و ليس للماضي الذي يرفض أن يمضي إلا و أرواحنا بيديه ..
رغم اتساع قاعدة الرفض له .. و لن تنفع معه ألاعيب السحر و الساحر ..
في عموم جوانب حياتنا نحن نعاني العتيق المعلوك إلى حدود الملل ..و الجدب و
التصحر .. حتى في الأدب و الفنون و السياسة والاقتصاد .. و ما زلنا نصر
على استخدام اللغة ذاتها .. و الأدوات ذاتها .. الأفكار ذاتها .. بل نحن
نبحث عن المخرج من خلالها. أنّها حالة العالم .. هذا صحيح ..
لكن ليس كل الصحيح ان نقارن ما نعاني منه بما يعاني منه العالم .. لندع
أنه مثلنا مثل غيرنا .. مثلما نقول الفساد في كل العالم .. لنبرر فظائع
الفساد عندنا .. !!
وضعنا يختلف حتى ولو تشابه مع مع حال أخر .. او حالين .. نحن ملون حول
عيوننا بالأسود و نكاد لا نرى .. و اول ما نحتاجه .. هو ان نرى .. فدعونا
.. و ساعدونا كي نرى ...
|