سيرياستيبس :
أمام مرحلة الانكماش والتضخم الاقتصادي، أي التضخم بالأسعار وتدني مستوى
الدخل لا بد من تغيير بعض القوانين الاقتصادية لإعادة المسار إلى حالة
مختلفة عن عام ٢٠٢٣، فتثبيت الحالة الراهنة هو تثبيت للعام الفائت.. هنا
كان لابد من الإسراع بإعادة تقييم المرحلة وتقويمها.
عضو غرفة تجارة دمشق ياسر أكريّم عن أنه لابد من حلول
وخطوات جريئة تؤدي إلى تغيير الفكر والقوانين للنهوض بالوضع الاقتصادي،
داعياً إلى عدم التخوف من هذه الحلول التي تقوم على تغيير القوانين وتبيان
الهوية الاقتصادية وتنشيط الاستثمار.
زيادة الرواتب
وعن الزيادة التي طرأت على الراتب اعتبر أكريّم أن هذه الزيادة لم تؤثر في
مستويات التضخم الموجود، لأن الفارق لا يزال عالياً، وبالتالي لابد من
تعديل بعض القوانين الاقتصادية وحل المشكلات النقدية ولجم التضخم وزيادة
الدخل.
ضرورة تعديل بعض القوانين الاقتصادية للقضاء على التضخم
وأكد أكريّم أن زيادة الدخل هي بحد ذاتها رفع للراتب وإنعاش للسوق، فعندما يتم النهوض بالوضع المعيشي، يؤدي ذلك حتماً إلى زيادة حقيقية في الراتب والتحسن في الأسواق، وذلك عن طريق إنشاء مشروعات إضافية مكملة أو مشروعات استثمارية للموظفين تعمل بفكر القطاع الخاص وتستخدم البنية التحتية للدولة ما يزيد الدخل بحيث لا نرهق خزينة الدولة، أو الخلط بين مشروعات القطاعين العام والخاص.
تغيير القوانين الاقتصادية
وشدد أكريّم على أنه لا يملك نظرة سوداوية بالنسبة للوضع الاقتصادي القائم،
بل هو في حالة بحث دائمة عن الحلول، منها إلغاء تجميد السيولة في البنوك،
التي تعد أحد أبرز أسباب الانكماش الاقتصادي، أضف إليها تعقيدات التمويل
للتجارة الخارجية لتتم دورة رأس المال خلال يوم أو أسبوع أو شهر بدلاً من
أربعة أشهر، حسب نوع المادة، لأن إبقاء الوضع على حاله سيزيد من انكماش
العمل، وعندما يخف العمل يخف استهلاك العمال، وبالتالي عدم القدرة على
زيادة الرواتب، ما يؤدي بدوره إلى البطالة، ناهيك بفرق السعر.
زيادة الدخل بإنشاء مشروعات مكملة واستثمارية للموظفين
وطالب أكريًم بضرورة تنشيط الاستثمار الداخلي قبل دعم المشروعات الخارجية انطلاقاً من مبدأ: إذا لم ينتعش المستثمر الداخلي الموجود الآن، فلا يستطيع إعطاء رسالة جيدة للخارج، فالتاجر الداخلي هو مرآة للاقتصاد والصناعي الداخلي كذلك.
قانون استثمار آمن لصغار الكسبة
وتابع أكريّم قائلاً: من الضروري إنشاء قانون للشركات الصغيرة المساهمة
وذلك بدعم من الدولة وتحت رقابتها، وتكون هذه الشركات معفية من الضرائب
والرسوم وترفع الدخل بطريقة غير مباشرة، فبعد الحرب المنهكة في سورية وبعد
وصولنا إلى مرحلة الأمان لابد أن يرافق ذلك أمان اقتصادي، ولا يتوج الأمن
إلا بأمن اقتصادي ومادام الدخل أقل من الصرف فهناك مشكلة أمنية في
الاقتصاد، ولا نصل إلى الأمن الاقتصادي إلا إذا كانت هناك مساواة بين الدخل
والإنفاق وليس فقط برفع الراتب، بل بزيادة الدخل عن طريق تنشيط المشروعات
الجديدة وإبداع أفكار جديدة لتكون هناك معادلة صحيحة «الدخل يساوي الصرف
على الأقل إن لم يكن أكثر».
ركود تضخمي
أما الدكتور غسان إبراهيم المحاضر في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق فقد علق
على موضوع التضخم والانكماش، معتبراً أن المصطلح الأدق هو الركود التضخمي،
وهو مصطلح وافد على اقتصادات الدول النامية ومنها سورية، وأضاف: إن هناك
مؤشرين في أي اقتصاد، الأول: رأس المال لأصحاب المنشآت، ومعدل الربح الذي
يترتب على الرأسمال. وثانياً مسألة الرواتب والأجور.. لذلك في أي نهوض
اقتصادي أو أزمة اقتصادية من الضروري النظر إلى العائد على الرأسمال، لذا
لابد من تغيير الذهنية الاقتصادية التي كانت قائمة قبل الحرب على سورية،
وهذا التغيير ضروري ومن دون هذا التغير يصبح من المستحيل الخروج من هذه
الأزمة أو على الأقل في المدى المنظور.
إنشاء قانون استثمار للشركات الصغيرة المساهمة مدعومة من الدولة
ذهنية اقتصادية
الذهنية الاقتصادية، كما يراها إبراهيم، تتلخص في كل العوائق القائمة الآن،
التشريعية أو القوانين الاقتصادية أو دور الدولة في السوق أو دور الرأسمال
الخاص، أي لابد من إعادة النظر بعقلية منفتحة وترك السوق تحكم نفسها
بنفسها من خلال وضع البيئة التشريعية، التي تصدر القوانين التي تمنع
الاحتكار، وتشجع الاستثمار، فضلاً عن تشغيل القوى العاطلة من العمل،
وبالتالي الدولة هنا تتدخل من خلال القوانين والتشريعات وليس من خلال
التدخل المباشر كما يجري الآن.
«كل مال مجمد هو عائق أمام النهوض الاقتصادي»
وبالنسبة إلى تجميد السيولة في البنوك بيّن إبراهيم أنه لا أحد ممن هو مختص
في علم الاقتصاد يتفق مع فكرة تمويل التجارة الخارجية المتبعة حالياً في
اقتصادنا، لأنها شكلت عقبة كبيرة أمام النهوض الاقتصادي أو في تحريك السوق،
مؤكداً أن من بدهيات علم الاقتصاد أنه لا يجوز لا على الصعيد الفردي ولا
الحكومي تجميد هذه الأموال.
إعادة النظر بالسياسات القائمة
وعلق إبراهيم على تحسين الوضع المعيشي بأنه يكون من خلال زيادة الإنتاج
وتصريفه، أي زيادة الدخل يجب أن تسبقها زيادة الإنتاج وتصريفه بمنع
الاحتكار وتطبيق القانون.
ويرى أن هذا التضخم المروع وارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية، لا
يمكن تبريرها بالحصار والعقوبات، علماً أن لها أثراً لكن لا يوازي أثر
الاحتكار.
المنصة سياسة نقدية حتمية في الوقت الحالي للحفاظ على الاقتصاد السوري
وتابع: كما قال الكثير من الاقتصاديين كلما ارتفعت الأسعار وجب أن ترتفع الرواتب والأجور بغضّ النظر عن أي حجة.
أما الدكتور عمار سهيل إبراهيم الأستاذ المحاضر في كلية الاقتصاد بجامعة
تشرين فقد كان له رأي آخر بالنسبة لزيادة الدخل، فهذا مرتبط بزيادة الناتج
المحلي الإجمالي من خلال ترميم المشروعات الحالية وتدعيمها وتشجيع
الاستثمار من خلال المشروعات الصغيرة لذوي الدخل المحدود، وإنعاش عملية
الاستثمار من خلال استقطاب الأموال الخارجية، وتوفير بيئة استثمارية الغاية
منها زيادة الاستثمار وتخفيف وترشيد الإنفاق، إضافة إلى التوزيع العادل
للدخل، أي بالمختصر زيادة الدخل المحلي الإجمالي وتوزيع العادل للدخل،
مشدداً على ضرورة الحفاظ على القطع الأجنبي أو الحد من استنزافه، وبالتالي
تخفيف تقلبات سعر الصرف أو ارتفاعه بشكل كبير.
أما المنصة فاعتبرها الدكتور إبراهيم سياسة نقدية حتمية في الوقت الحالي للحفاظ على الاقتصاد السوري.
تشرين