كتب الاعلامي أسعد عبود لسيرياستيبس :

اذا كان موجود اعلام سوري .. فما الذي يستطيع باحث عن المعرفة أن يجده فيه عن الاقتصاد السوري .. ؟ ..

لا شك أن انتفاء الأول يعني انتفاء الثاني .. لكن الحقيقة أنه لا هذا منتفي و لا ذاك ..كلاهما موجود و كلاهما متعثر إلى درجة الغياب شبه الكامل .. فلا يحمل احد القطاعين على الأخر ..

و عندما نخصص في القول : لنستخدم تعبير اعلام اقتصادي مثلا .. يصبح الاعلام في حكم التابع للنشاط الاقتصادي مهما كانت نسبة و طريقة تبادل الاثر و التأثير .. و بالتالي من الطبيعي ان انتفاء الثاني سيؤدي حكما لانتفاء الاول .. لكن كما أسلفت ليس من انتفاء لأي منهما .. فهل يستطيع الاعلام الاقتصادي ان يحقق انتشاره في حالة عمله في إطار اقتصاد شبه مفلس ..

طبعا القول : اقتصاد شبه مفلس .. لا يعني أن سورية دولة مفلسة .. هي رغم واقعها الكارثي .. و اقتصادها المستمر في التدهور .. ليست دولة مفلسة .. هناك حكومة مفلسة .. هذا صحيح .. اما الدولة .. فهي في وضع آخر يعاني من صعوبات محرجة قاتلة .. في مقدمتها الحكومة و الأداء الحكومي والاداري .. في ظل هذا الواقع يعمل الاعلام .. وهو متهم بالعجز و التقصير من يوم بدأت الدولة في ادارة الاقتصاد .. مر على ذلك اليوم أكثر من ستين عام .. خرج منها الاقتصاد السوري و الفكر الاقتصادي .. في حالة مرعبة من التصحر الذي لا يبدو منه مخرجا .. على الاقل لا يبدو هناك من يسعى لهذا المخرج .

دائما اتهم الاعلام .. ليس في إطار البحث عن أعلام بديل قادر و جاد . بل في اطار البحث عن اعلام يغمض عينيه و يبتعد عن الحقائق ليستر العيوب و يحسن تزيين الواقع مهما كانت المساوئ فيه . و في مرحلة البناء الاقتصادي الموسع و العريض كان للاعلام فرصة لاظهار كفاءات منسجمة مع واقع اقتصادي ليس على هذه الدرجة من السوء التي نعيشها اليوم واستطاع ان يحقق شكل اعلام اقتصادي حكومي مقبول في ظل اقتصاد مقبول و حكومات مقبولة . أما اليوم .. فما الذي يستطيع الاعلام فعله في ظل ادارة لا تقرأ ولا تكتب .. ؟! من الطبيعي جدا ان تظهر عليه أكثر حالات الافلاس اتساعا .. ولم كانت للخطط و البرامج للعمل الاقتصادي مفتقدة .. اين سيحل الاعلام ضيفا ..

هو بنفسه خرج من المعركة و اكتفى من النضال بما يحفظ الذكر .. لكن .. لا يمكن تحميله المسؤولية .. و بالأصل هو لا يعول عليه أبعد من التواصل و النقل .. و الشرح و الايضاح .. و ليس هناك ما يمكن أن يوضح بل هو بين نقل الكفر و صمت المجيب بدا أكثر كفرا .. !!

وصف صديق غال ما نقوله في الاعلام حول الاقتصاد و الادارة بأنه أشبه ب النق .. وبعيدا عن اي محاولة للدفاع عن الاعلام اقول : عليه أن يحسن النق ..

في ظل الحالة الاقتصادية التي نعيشها .. لا احد يفتقد الاعلام .. هو على الاقل يقدم بعض النق .. الناس تفتقد الغذاء و الدواء و وسيلة النقل .. وقد عرفت الحكومة كيف تتعامل مع الاعلام من خلال رفض التعامل مع نقه .. متمثلة المقولة الشعبية كناس لا يغبر على طحان وإن عكسنا المثل...

As.abboud@gmail.com