سيرياستيبس
كتب الاعلامي علي عبود :
زار السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد، يوم الأربعاء
4/11/2020، معرض “منتجين 2020″، في التكية السليمانية بدمشق، والذي شارك
فيه 77 منتجاً من حلب من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة متخصصين
بالصناعات الصغيرة والحرفية في المجالات الغذائية وصناعة المفروشات
والألبسة والصناعات اليدوية تحت شعار “المنتج بطل حقيقي!”.
وكانت زيارة الرئيس الأسد للمعرض، الذي شهد توقيع عشرات الاتفاقيات لتسويق
منتجات المشاركين داخلياً وخارجياً، رسالة واضحة ومباشرة للحكومة للاهتمام
بقطاع المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر. والسؤال: ماذا قدّمت الحكومة
لمشاريع صغار المنتجين منذ عام 2020؟
يبدو واضحاً أن الحكومة لا تهتمّ بالمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، إلا
بعد تدخل مباشر من السيد الرئيس، الذي ترأس يوم 9/ 3/ 2024 اجتماعاً
حكومياً مصغراً لبحث السياسات المتعلقة بدعم المشروعات الصغيرة، وتطويرها
بحيث تستطيع أن تكبر وتتحول لاحقاً إلى مشروعات متوسطة وكبيرة.. وصولاً إلى
إنعاش الاقتصاد السوري!
واستناداً إلى ما شهده قطاع المشاريع الصغيرة خلال السنوات الثلاث الماضية،
يمكن الاستنتاج بسهولة أن الشغل الشاغل للحكومة كان دعم المستوردين
المتنفذين، وليس دعم المنتجين، سواء الكبار منهم أم الصغار، والدليل أن
رئيس غرفة صناعة حلب أكد أن الحكومات المتعاقبة لم تنفذ مطالب الصناعيين في
حلب المطروحة قبل العقوبات وقبل قانون قيصر، والتي كانت ستتيح إنعاش
الاقتصاد السوري وإفشال الحصار والعقوبات.
ومن المستغرب بعد مرور أكثر من عشرين عاماً على انطلاق المشاريع الصغيرة،
وخاصة بعد عقد من الحصار والعقوبات أن تتحدث الحكومة عن “الأثر المحدود
للمشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر في إنعاش الاقتصاد السوري”،
وبدلاً من أن تنشغل بدعم أصحابها بقروض صفر فائدة وبتسويق منتجاتهم في
صالات التدخل الإيجابي، وإقامة معارض تسويق دائمة لها، سواء في المحافظات،
أم في دول مثل لبنان والعراق وإيران.. الخ، فإنها كشفت لنا مؤخراً أن
العائق الأساسي لزيادة فعاليتها في الاقتصادي هو إداري بحت.. فهل هذا
التبرير معقول؟
ألا يكفي الحكومة – لو كانت جادة – عشر سنوات وأكثر لتذليل العوائق الإدارية و”التعريفية”؟
والأهم: هل تسويق المشاريع المتناهية الصغر يحتاج فعلاً إلى وضع تصنيف وطني
للأنشطة في سورية بما ينسجم ويتناغم مع دليل الأنشطة المعتمد لدى هيئات
الأمم المتحدة؟
هذا التبرير الذي يعكس تقصيراً فاضحاً يعني أن الحكومة تقول لأصحاب
المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر: إياكم ومزاولة العمل قبل حصولكم على
التصنيف المعتمد من الأمم المتحدة؟
تعترف الحكومة على لسان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر الخليل أن
هناك 40 جهة مسؤولة عن تنفيذ المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، والملفت
أكثر اعتراف الوزير بأن “هذه الأعداد غير موجودة بأي دولة من دول العالم،
وهي تعطينا تصوراً واضحاً ومختصراً لحجم الفوضى الموجودة في هذا القطاع وفي
الإدارة الاقتصادية له”!
السؤال: ماذا فعلت الحكومة خلال السنوات الثلاث الماضية لاجتثاث هذه الفوضى الإدارية، أم إنها مهمة مستحيلة؟
كلا.. ليس حصر الإشراف على المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر بجهة واحدة،
كما هي الحال بالنسبة للمشاريع الاستثمارية، بالمهمة المستحيلة التي أخفقت
الحكومات المتعاقبة بإنجازها، وإنما هو تقصير حكومي، فآخر اهتمامات الحكومة
كان المشاريع المتناهية الصغر، بل لم تكن على جدول أعمالها أصلاً!
الغريب في حديث وزير الاقتصاد الأخير هو الإيحاء وكأنّ المشاريع الصغيرة
مستجدة، وتحتاج لتنظيم وتصنيف وإشراف ووصاية مركزية، وليست موجودة منذ
تسعينيات القرن الماضي، وبأنها انتشرت وازدادت أهميتها منذ عام 2013،
وتحديداً بعد الحصار والعقوبات.. الخ!
ولو أن الحكومة تنظر بالأفعال، وليس بالأقوال فقط، لقطاع المشاريع
المتناهية الصغر بأنه “حامل للاقتصاد، والنسبة الأكبر للمشروعات في سورية
هي متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة”، فلماذا لم يكن محور نشاطها واهتمامها في
السنوات الماضية؟
الخلاصة: لا يزال قطاع المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر خارج دائرة
الاهتمام الحكومي على الرغم من دوره الكبير بتوفير السلع في ظل حصار
اقتصادي غير مسبوق على سورية، ولم تدعمه الحكومة خلال السنوات الثلاث
الماضية، وخاصة بالطاقة والمواد الأولية، ولم تعمل على إزالة الصعوبات التي
تواجهه، ويتجلّى التقصير الحكومي بشكل كبير بعدم الاهتمام بتسويق إنتاج
المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، أو تخصيص أماكن عرض ثابتة لها أو عرضها
في صالات التدخل الإيجابي، بل إن هناك من يقوم بمصادرتها ويتعامل معها
كسلع مجهولة المصدر!!
البعث