لست غنيا لأشتري الرخيص… مثلٌ لا يُخفى على الأغلبية العظمى من شرائح
المجتمع التي نادراً ما تعمل به نتيجة إغراء انخفاض سعر الرخيص المكافئ
لمستوى دخلهم رغم قصر عمر مدة استعماله.
هذا الأمر ينطبق بشكل كبير على المنتجات الصينية التي باتت معروفة
للقاصي والداني بتخمتها لأسواقنا المحلية من كل صنف ونوع وبأسعار منافسة
على حساب جودتها ومطابقتها للمواصفات، لدرجة أصبح هناك مراكز ومحلات
تجارية، على امتداد مدننا ومناطقنا، مخصصة فقط للبضائع الصينية، تحت مسميات
مرتبطة ببلد المنشأ من قبيل “البيت الصيني” و”القرية الصينية” و”سوق
الصين”.. إلخ.
ترويج مجاني
لا تقتصر هذه المحلات على بيع المنتجات الصينية فحسب بل لها دوا غير
مباشر يروج للعملاق الآسيوي وتراثه وحضارته، ما يساهم إلى حد ما بتشجيع
وتحريض كل من يزور مراكز البيع لزيارة الصين و الاطلاع بشكل مباشر على
أسرار هذا البلد الذي غزى بمنتجاته دول العالم من أقصاه إلى أقصاه، لاسيما
أن أروقة وثنايا مراكز البيع – التي تحولت إن صح التعبير إلى أسواق صينية
بامتياز على الأراضي السورية – تزدان بإكسسوارات مستوحاة من التراث الصيني.
التقينا بعض المتسوقين الذي أكدوا شغفهم بارتياد كل متجر يسوق
للمنتجات الصينية، كون الدخول إليه والتجول بين بضائعه ينقلهم إلى عالم ذو
طابع خاص، يعكس مدى قدرة الإرادة الصينية بالمضي قدما لتقوية الاقتصاد
الصيني وجعله حصنا منيعا أمام الغزو الاقتصادي العالمي.
أحد المتسوقين ردّ سر الانتشار الواسع للمنتجات الصينية في أنحاء العالم
إلى قوة إيمان الصينيين بضرورة الحفاظ على تراثهم الغني بألغازه
الإبداعية، والمثابرة على تطويرها وتسخيرها في خدمة بلدهم، ولولا ذلك لما
استطاع الصينيون أن يصنِّعوا كل ما تحتاجه البشرية من الإبرة إلى البوارج
الحربية.
وفيما يخص تدني جودة السلع الصينية وانعدامها في بعض الأحيان اعتبر بعض
من التقيناهم أنها تفي بالغرض إذا أُحسن استخدامها لاسيما أن أسعارها تكاد
تكون زهيدة مقارنة بنظيراتها من المنتجات الأخرى، بينما اعتبر البعض أن
الأدوات الكهربائية هي فقط غير مجدية، أما بقية المنتجات فهي أكثر جدوى
خاصة ألعاب الأطفال والأدوات العصرونية.
جودة حسب الرغبة
لا يختلف اثنان على تدني جودة المنتجات الصينية بشكل عام مقارنة مع
منتجات بقية دول العالم خاصة الأوربية واليابانية منها، ما يجعلنا نتساءل:
هل تدني مستوى الجودة سمة عامة للصناعات الصينية، أم إن ما يدخل إلى سورية
فقط دون المستوى المطلوب؟
ويبين بعض الاقتصاديين في هذا السياق أن هناك الكثير من المنتجات
والصناعات الصينية ذات جودة عالية وبأسعار مضاعفة عما هي عليه في سورية،
فالصين تُصنّع وفق عدة مستويات من الجودة والمواصفة، وكل دولة تستورد منها
حسب إمكانياتها ومستوى دخلها ومعيشتها. ويحمّل هؤلاء الاقتصاديين التجار
مسؤولية استيراد منتجات متدنية الجودة بحجة تدني مستوى دخل الفرد السوري،
مشيرين إلى أن كثير من شرائح المجتمع لديها قدرة شرائية تتناسب مع أسعار
المنتجات ذات الجودة الأعلى من تلك الموجودة في سورية.