سيرياستيبس
كتب الإعلامي معد عيسى :
لا يكاد يوجد شخص يتابع معاملة في الجهات العامة إلا وينتابه سؤال حول
علاقة بعض الجهات بالمعاملة التي ينجزها وسبب طلب موافقة بعض الجهات
بمعاملته، وهذا الأمر يُمكن تعميمه على كل المعاملات من تراخيص الاستثمار
إلى أبسط معاملة وهذا ما يسميه البعض بلباقة بالبيروقراطية والبعض الأخر
بالفساد.
بدايتي الوظيفية كانت في المؤسسة العربية للإعلان وأذكر أن السحوبات على
الجوائز كانت تشرف عليها لجنة مؤلفة من ثلاثة أشخاص، واحد من التلفزيون
وآخر من مؤسسة المعارض ورئيس اللجنة من المؤسسة العربية للإعلان ولكن بعد
فترة طلبت إحدى الجهات أن تكون في اللجنة ومثلها طالبت أخرى وهكذا إلى أن
توسعت اللجنة وأصبحت أكثر من ثمانية أشخاص وبرئاسة جهة أخرى مع الإشارة إلى
أن كل من انضم هو من الجهات الإشرافية، يعني بدون مسؤولية ولكنه أساسي
بالحضور وتوقيع المحضر والحصول على تعويض الإشراف، وطبعاً هذه الحالة سائدة
ويمكن تعميمها على كثير من المعاملات.
السيد الرئيس بشار الأسد وصّف الحالة بدقة في كلمته التوجيهية للحكومة حيث
قال: “نحن نعاني من ضعف في السياسات القطاعية باعتبار أغلب القضايا
والمواضيع والعناوين هي عناوين مرتبطة بأكثر من وزارة في نفس الوقت.. هنا
يكمن لدينا الضعف الكبير.. كيف نخطط وكيف نحدد سياسة قطاعية.. وكيف نضع
آليات مناسبة لتنفيذها ولقيادتها؟
تحديد السياسة القطاعية مهم جداً وقد يكون هذا واضحاً بشكل تفصيلي بقانون
البيوع العقارية، حيث أصبح لكل منطقة تخمين عقاري مختلف بعد أن كانت تُعامل
العقارات في الصحراء بنفس القانون الذي تعامل به عقارات المالكي بدمشق.
اليوم القطاع الزراعي ضحية هذا الأمر وله أثر على الإنتاج وحياة الناس
فتعامل عقارات الساحل الصغيرة والتي يندر أن يتجاوز أكبرها خمسة دونمات
معاملة ملكيات بمئات الدونمات في محافظات أخرى بذريعة منع تفتيت الحيازات
وقضم الأراضي الزراعية، والسؤال كيف يستطيع شخص أن يستثمر دونم أرض إن لم
يكن مقيماً فيه؟ ما الذي يمنع من السماح لشخص يملك دونماً حتى ثلاثة دونمات
من بناء 50 متراً ليقيم في أرض أقام فيها أكثر من ست بيوت
بلاستيكية والسماح له بالتوسع الشاقولي؟ ألا يحتاج هذا الشخص إلى غرفة
لمولدة ضخ المياه والصناديق البلاستيكية والسماد وغرفة أخرى لشخص يقيم في
المشروع؟.
القلق حول تفتيت الحيازات الزراعية مشروع ولكن نحن أمام واقع أخرج مساحات
كبيرة من الاستثمار بزراعات تكثيفية ولا سيما في الشريط الساحلي لهذا
السبب.
هناك مثل يقول “الحج ما بيجي بالتوصي” وهكذا الزراعة ما بتصير عن بُعد،
الأمر نسبي بين محافظة وأخرى، والمحاصيل مختلفة فلماذا أحرم جغرافيا تتوفر
فيها المقومات واليد العاملة من أهم أمر لبدء العمل والإنتاج؟.
الأمر نفسة بالنسبة للحصول على الدعم الزراعي بالساحل، هناك عقارات زراعية
200 متر و 400 متر ألا يكفي بيان ملكية لهذه العقارات بدل إحضار بيان عقاري
وكشف حسي من قبل لجنة ليحصل على كيلو سماد أو 2 ليتر مازوت؟ مع أن إحضار
لجنة الكشف يستوجب تأمين سيارة ذهاباً وإياباً بـ 150 ألف فأين المنطق؟.
تركت أخبار جلسة مجلس الوزراء بالأمس صدى إيجابياً عند كافة العاملين
بالقطاع العام وعلى كافة المستويات الوظيفية وذلك لبداية عمل الحكومة
بمراجعة مشروع الإصلاح الإداري والوظيفة العامة وهذا يعكس الحالة السلبية
التي تركتها معايير المشروع في مؤسسات القطاع العام رغم أهمية المشروع
وضرورته.