سيرياستيبس :
يقدم الباحث الاقتصادي الدكتور منير الحمش قراءة أولية لما تضمنه مشروع الموازنة العامة 2025.
يشير صاحب الطريق الرابع للتنمية والاعمار إلى أنه ووفقاً لمجموع الاعتمادات في الموازنة الحالية الذي يبلغ 52600 مليار ليرة سورية فإن نسبة الزيادة بلغت 28 بالمقارنة بالعام السابق موزعة 70 بالمئة للإنفاق الجاري و ٣٠ بالمئة للإنفاق الاستثماري، فيما كان التقسيم في موازنة العام الماضي ٧٥ % للإنفاق الجاري و 25 % للإنفاق الاستثماري.
ويعتبر الحمش أن ارتفاع الأرقام في مشروع الموازنة الحالية، سببه التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية، وكان يفترض أن يحلل مشروع الموازنة هذا الأمر ويضع من بين أهدافه معالجة مسألة التضخم، ويرى أن الموازنة الحالية لم تقدم تحليلاً علمياً لانخفاض نسبة العجز.
وبحسب رأي الباحث الاقتصادي فإن تصريح رئيس مجلس الوزراء حول "أهمية القطاع الخاص وتقديم كامل الدعم الحكومي له" أغفل أهمية إعادة إصلاح ودعم القطاع العام بمؤسساته وشركاته لإيجاد حلول لمشكلات الاقتصاد الوطني.
ويطرح الحمش مجموعة من التساؤلات تخص الموازنة الحالية حيث، لم تتطرق بشكل جدي إلى مسألة الفقر وانعدام الأمن الغذائي، بعد أن أصبحت غالبية المواطنين تحت خط الفقر ويعانون من تهديد أمنهم الغذائي.
كذلك لم تقدم الموازنة الحالية مقترحات لمعالجة مشكلة البطالة والسكن والإسكان، ولم تشر إلى الآلية التي ستواجه فيها الحكومة مسألة عودة اللاجئين إلى بيوتهم، بحسب الحمش.
مواد متعلقة :
الدكتور منير الحمش يطرح الطريق الرابع للتنمية والاعمار
يتطلب من الإدارة الاقتصادية أن تمتلك البوصلة الوطنية الشديدة الحساسية في الإدارة
شهدت مكتبة الأسد أمس محاضرة يمكن وصفها بالاستثنائية في ظل العصف الفكري الواسع الذي تشهده البلاد بينما تستعد للانتقال الى مرحلة جديدة ..
المحاضرة
التي نظمتها جمعية العلوم الاقتصادية قدم خلالها الباحث الاقتصادي المخضرم
الدكتور منير الحمش طرحا اقتصاديا جديدا جوهره التنمية أطلق عليه مسمى
الطريق الرابع للتنمية والاعمار " "
يقوم هذا الطريق وفقا للدكتور الحمش : على سياسة المزاوجة بين آليات السوق وآليات التخطيط، بهدف رفع المستوى المادي والثقافي للمواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية، وأن يكون لهم دور رئيسي في عملية التنمية، لذا لا بد من أن يطرح هذا النموذج برنامجاً يحقق مكافحة الفقر والقضاء على فروقات الدخل والثروة ومعالجة البطالة والجهل، وتحقيق النمو الاقتصادي المطرد الذي يترافق مع عدالة التوزيع وبالتالي تحقيق العدالة الاجتماعية.
وقال الدكتور في الاقتصاد منير الحمش: «إن الاقتصاد السوري عانى من صعوبات حادة في مطلع الألفية الثانية تمثلت في الإخفاق بتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتراجع معظم المؤشرات الاقتصادية، إضافة إلى ازدياد الضغوط الخارجية من جانب الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وقد أصبحت قضية الإصلاح موضوعاً ملحّاً نتيجة هذا الواقع وما يضاف إليه من ظروف داخلية أيضاً».
ورأى : أن التوجه نحو اقتصاد السوق والليبرالية الاقتصادية قبل أحداث 2011، أدى إلى إحداث تحولات في الهياكل الإنتاجية نجمت عنها اختلالات هيكلية، تعمقت خلال الأحداث وحتى الآن بسبب الاضطراب والفوضى اللذين حصلا في السياسات الاقتصادية والاجتماعية. كما أنها خلقت ظروفاً جديدة في العملية الاقتصادية، تتمثل الآن على سبيل المثال في قوة العمل مما يظهر الحاجة إلى استيعاب البطالة التراكمية، فضلاً عن الأنواع الجديدة من العاطلين وخاصة المنخرطين على نحو ما في أعمال هامشية، وأولئك الذين انخرطوا في الفصائل الإرهابية، ما أعاق عملية التنمية.
وتابع:
«ينسحب هذا الأمر على ما تعرضت له القطاعات الاقتصادية، فالقطاع الصناعي
الذي كان يعاني من غلبة الطابع الفردي والعائلي، أصبح الآن يعاني أيضاً من
تدمير بعض منشآته وذلك في القطاعين العام والخاص، لذا أصبح من الضروري
إعادة تأهيل المنشآت الصناعية، ورسم إستراتيجية جديدة تأخذ بالاعتبار
الخصائص البنيوية السابقة، وما طرأ على النظام الصناعي من متغيرات نتيجة
الأحداث»
وبالاستناد إلى التجارب التاريخية في أغلب بلدان العالم الثالث، يرى الحمش أنها أثبتت أن التنمية المستقلة هي الطريق السليم للوصول إلى نخبة حقيقية، والاستقلالية في الطريق الرابع لا تعني الانكفاء والانعزال، إنما تعني توفير قدر أكبر من حرية الفعل للإرادة الوطنية في مواجهة عوامل الضغط التي يفرزها النظام الرأسمالي العالمي، كما أثبتت التجارب التنموية في تلك البلدان أن السوق وحده بما فيه من قوانين وآليات ومبادرات فردية، لا يستطيع تحقيق التنمية، كما أن التخطيط المركزي المستند إلى الدولة ومؤسساتها وقوانينها وآلياتها وحده، لا يستطيع أن يحقق التنمية أيضاً، لذا فإن المطلوب إيجاد نوع من التنسيق والتزاوج بين السوق وآلياته والدولة ومؤسساتها من أجل الخروج بنظام يستطيع أن يحشد كل الموارد البشرية والمادية للبلاد، ويوجهها نحو تنفيذ برنامج تنموي شامل ومتوازن ومستدام، يُمكن الاقتصاد من تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية معاً.
وحيال الواقع الراهن، يمكن النظر في بعض العناوين لدى وضع الإستراتيجية الصناعية الجديدة –حسب ما قاله الحمش، منها إعادة النظر في تموضع المنشآت الصناعية جغرافياً، والتركيز على ربط الصناعة بالإنتاج الزراعي (بشقيه النباتي والحيواني)، والتركيز على استخدام المواد المحلية الأولية، وتوطين التكنولوجيا المتطورة، والتوازن بين الصناعات التي تحتاج إلى رأسمال كبير وتلك التي تحتاج إلى عمالة كثيفة، والتوجه نحو إنتاج وسائل الإنتاج، إضافة إلى الاهتمام بالصناعات التصديرية.
على أن يركز القطاع العام على مشروعات البنية التحتية والمشروعات الإنتاجية الكبيرة، فتلك المشروعات لها تماس مباشرة بالأمن القومي ولا يجوز إعطاء أي فرصة لينفذ الأجنبي إليها.