كتب أسعد عبود - خاص لسيرياستيبس :
طال انتظارنا أم قصر .. فقد انتهى .. تُلي البيان الوزاري .. وما يخفف من الخيبة أنّ كثيرين كانوا يتوقعون .. !! بل كان هناك صوت تحذير مستمر من أي تفاؤل .. لكن .. حالة الغرق التي يعيشها المواطن قبل أن تعيشها الحكومة و أعمق بكثير تجعله يبحث عن شبه الأمل دون أمل .. و قلنا .. دائما قلنا : ننتظر البيان .. و ليتنا لم ننتظر و لم يكن من بيان ..
من جانب الحكومة ممثلة للدولة ، قامت بما يلزمها به الدستور .. وأصبحنا نعيش مع حكومة كاملة الاوصاف لا تختلف عن السابقة .. طبعا لا يجوز الحكم عليها مسبقا .. بل هي حكمت على نفسها و أصرت و حذرت من أي تفاؤل و غطت نفسها بما يشبه جرأة الإقرار بسوء الحال .. و صعوبة التحرك .. لكنها جرأة لا تبرر شيئا .. فقد سبقتها الحكومة السابقة إلى انتهاج التوجه ذاته و ما عادت تسأل في قائل يقول أو ناقد ينقد ..و أصبح شعارها : هذا ما عندي ، فهاتوا ما عندكم ..
في بيانها شرحت الحكومة واقعا كما شُرح مرات و لم تقدم له علاجاً و لا مسكناً .. قالت : أن الحال يعاني من أزمة مركبة و واقع معقد .. الحكومة لن تستطيع أن تفعل شيئا إلا بعض الإصلاحات إن استطاعت .. بسبب محدودية الموارد و بؤس الحال .. و بناء على ذلك ترى أنّ الانسحاب من الجبهات الفاشلة هو استثمار رابح .. و لعلها تعني القطاع العام .. بل هي أوضحت ذلك بصراحة .. و جعلت منه مقدمة للقفز إلى وهم قصبة الانقاذ .. القطاع الخاص ..الذي منحته مرتبة شرف الشريك الوطني الموثوق في التنمية الوطنية ..
لم نسمع ماذا يقول هذا الشريك .. و ما هو موقفه من الشراكة ..
لا اعتراض لنا على هذه الشراكة صاحبة التاريخ الطويل من الفشل و البعد العميق في تنمية و نشر الفساد .. إنما نحن نتساءل عن حقيقة الدور الذي تنويه الدولة بمكوناتها .. ضمنا الحكومة .. للقطاع الخاص .. ثم :
ما هو و أين هو القطاع الخاص .. و هل تظنه الحكومة و يظن مبدعي البيان الحكومي ينتظر فسحة أمل تصنعها له الحكومة ..؟؟ برأيي إنّ دراسة واقع القطاع الخاص المستمر في سورية و تحديد الفضاء الذي يشغله و توجهاته نحو مستقبل اعماله و تصورات نموه هي عقدة لا تقل عن عقدة اصلاح القطاع العام ..
القطاع الخاص الذي ما زال يعمل في سورية محاط بكل مشاكل العمل في بلد بوضع بلدنا .. ومع ذلك هو محكوم و ما زال يخضع لأوامر الادارة و تنظيرها و شروط الرقابة بأنواعها كلها من رقابة رجال التموين إلى رقابة رجال الأمن .. هذا غير " الشبيحة " و مفتشو الضرائب و حتى المراقبين الصحيين .. !!
الاهم من ذلك من يشمل هذا الذي نسميه " القطاع الخاص " .. و كيف يعمل .. من تاجر الحقيبة و صاحب فبركة صغيرة .. إلى أصحاب الشركات الضخمة . كله قطاع خاص .. هذا هو المقصود ..؟! .. و ماذا عن الصناعيين كبار الصناعيين السوريين في الخارج .. في مصر مثلا .. أو في تركيا و الخليج و العراق . كيف سنسعى للشراكة معهم .. ؟؟ قد يكون هناك محاولة اليوم للتواصل و الدعوة للعودة ، حتى ولو وفق شروط يشاركون فيها هم .. بل و يجب أن يشاركوا في تحديد التوجهات و الرؤى المستقبلية فهل هناك شيء من ذلك . أم نحن ما زلنا نؤمن بسحر أنّ الخاص يركض بيديه و رجليه للخصخصة .. ؟! .. جربوا .. و سترون ان وهم الخصخصة الذي لطالما خشينا منه و هاجمناه هو ليس مجرد اتجاه يكفي أن نتوجه اليه حتى نجد القطاع الخاص يطرق الأبواب .. جربوا .. اعتقد ان الخاص ممكن ان يقدم على الشراكة أو على الخصخصة وليس الشراكة فقط في المؤسسات و الاعمال المخولة أمر الثروات الوطنية على سبيل الحصر .
تقول الحكومة في بيانها بالانسحاب من الجبهات الفاشلة .. و هذا حق .. لكن : الانسحاب إلى اين .. و إلى ماذا .. ؟؟ أخشى أنّ القطاع الخاص على ما فيه من ضعف لن يقبل أن يشكل للحكومة جبهة النجاح .. فهو يريدها له .. و لا بد من البحث في ذلك بكل جرأة و وضوح ..
الأغلب أن القطاع الخاص لن يأتي إلي جبهة عمل مشتركة مع الحكومة او القطاع العام .. ليحقق لهذه أو تلك النجاح .. الطريقة أن تتاح له الفرصة وفق ظروفه و مقدرته و بشروطه المتوافقة مع القانون العام و ليس مع القوانين الخاصة .. ولا سيما منها التي وضعت للتحويل الاشتراكي و حماية الاشتراكية ..
الشراكة مع الخاص لن تكون بولاية العام .. بل الخاص القوي .. فلا ينسى احد اننا بحاجة لمن يريد في مقدرته و من مصلحته اعادة احياء البنية التحتية السورية هامش : نعتقد أن وزارة الصناعة السورية تعكف حاليا " ووفقا لما وردنا من معلومات "على إدارة جبهاتها المختلفة وفق رؤية قد تكون غير مسبوقة وبالتشاركية مع القطاع الخاص
..
As.abboud@gmail.com
|