يعتبر البعض أن ازدحام المطاعم دليل على التعافي
الاقتصادي... وتراجع معدل الفقر!!!
كتب
زياد غصن
كثيراً
ما يطرح هذا السؤال.. كيف يستقيم الحديث اليوم عن ارتفاع معدلات الفقر بوقت لا تكاد
تخلو المطاعم والمولات من الزبائن والمتسوقين؟
مبررات
طرح هذا السؤال متباينة، فهناك شريحة من الأشخاص غايتها من ذلك التشكيك بالمعلومات
التي تتحدث عن زيادة نسبة الأفراد ممن هم دون خط الفقر بحديه الأعلى والأدنى، لأسباب
مختلفة..
وهناك
شريحة أخرى، وهي الأوسع، ترغب بالحصول على تفسير منطقي لهذه المفارقة الصارخة في زمن
الحرب، حيث الفقر الشديد.. والثراء الفاحش.
ونظراً
لأن تفكير الشريحة الأولى هو تفكير سطحي وساذج، لكونه يحاول حجب الشمس بإصبعه.. فإن
ما يستحق النقاش يتجه نحو محاولة دراسة الأسباب الكاملة خلف مفارقة انتعاش الاستثمار
حالياً في المطاعم، والإقبال على أوجه الإنفاق الاستهلاكي، في وقت يرتفع فيه عدد الأسر
غير الآمنة غذائياً إلى مستويات مخيفة..
ببساطة
متناهية، ما يحدث ليس سوى أحد مفرزات عدم العدالة في توزيع الدخل، وتعمق ذلك أكثر خلال
سنوات الحرب، ولاسيما مع ازدهار الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة، وفقدان أسر كثيرة
مصدر دخلها الأساسي، أو تراجعه إلى مستويات تعجز معها أي أسرة عن تأمين احتياجاتها
الغذائية الأساسية.
ورغم
عدم توفر بيانات إحصائية دقيقة يمكن البناء عليها، إلا أن هناك مؤشرات واضحة على زيادة
سوء توزيع الدخل، منها ما يتعلق بحصة الطبقة العاملة من الدخل القومي، تراجع نسبة الطبقة
الوسطى في المجتمع السوري، وطبيعة العبء الضريبي ومن يتحمل الجزء الأكبر منه.
يلخص
اقتصادي كبير المسألة بقوله: مقابل كل طاولة تفتح في مطعم مصنف سياحياً هناك على الأقل
خمس أسر ينام أفرادها من دون أن يتمكنوا من تناول وجبة العشاء.. ومقابل كل حفلة من
الحفلات التي نسمع بها، هناك عشرات الأسر قد لا يتاح لها أن تأكل سوى وجبة واحدة باليوم..
وربما لا تحصل على ذلك أيضاً..
وكي
لا يكون كلامنا بنظر البعض اعتباطياً أو ذا بعد إيديولوجي، نشير إلى أن مسح الأمن الغذائي
لعام 2015 المنفذ بين المكتب المركزي للإحصاء وبرنامج الغذاء العالمي أشار صراحة إلى
أن نصف الأسر السورية المحرومة غذائياً تكرر عدم تمكنها من الحصول على الغذاء من 3
إلى 10 مرات خلال الشهر السابق لتنفيذ المسح.
كما
أن 12,7% من الأسر المبحوثة تعرضت للحرمان من الحصول على الطعام، وذلك لعدم توفر أي
نوع منه ليوم كامل أو أكثر خلال فترة تمتد لنحو 30 يوماً أو أكثر..
ليس
عيباً أن نتحدث عما تسببت فيه الحرب والحصار على صعيد انتشار الفقر، فالدولة هي التي
بادرت مع بداية العام 2000 للحديث علناً عن الفقر في سورية، وحاولت عبر تقارير أو دراسات
عدة رصد مستوياته وتوزعه الجغرافي، وتنفيذ مشروعات للحد منه، سواء اتفقنا مع نتائجها
أو اختلفنا.
وتالياً..
الأحرى بنا اليوم أن نكون أكثر شفافية وموضوعية بتناول كل ما أفرزته الحرب، وما تسببت
به من مفارقات وتداعيات على مختلف الصعد والمستويات
|