على حساب دعم الاقتصاد الوطني..!
أن
نجد شركة طيران وطنية، مرخصة ومسجلة، تسعى وبإصرار ومثابرة لافتين مشفوعين بإنجاز وتنفيذ
كل ما هو مطلوب من اشتراطات ومعايير ومتطلبات عالمية ومحلية للحصول على ترخيص مشغل
جوي، أمر يبدو طبيعيا..
لكن
أن تظل تلك الشركة على إصرارها ومتابعتها للحصول على ما يمنع عنها من حق مشروع ومطبق
بكل أنظمة وقوانين الطيران الدولي والإقليمي، وأن تظل على موقفها الاستثماري العالي
المسؤولية والكلفة، وخاصة بعد أن توقف قطاع الطيران العالمي وخطوط النقل والرحلات الجوية،
وما يمكن أن تفرضه أزمة كورونا من تحولات استثمارية بعدها، لهو أمر يستحق التقدير والدعم
والثناء، لا تعمد التعطيل والعرقلة، غير المبررين وغير المفهومي السبب والغاية!؟
واقع
مريب! فمنذ صدور القانون رقم ٦ لعام ٢٠٠٤ في سورية، والذي أجاز بموجبه الترخيص لشركات
الطيران، تقدم أكثر من عشرين شركة للحصول على الترخيص، بهدف إنشاء شركات طيران، لبناء
اقتصاد نقل جوي قوي وداعم للاقتصاد الوطني، وتوفير مورد كبير من العملات الصعبة، ناهيكم
عن توفير آلاف من فرصة العمل النوعية، لكن للأسف لم يستطع أي منها تلبية متطلبات وشروط
الترخيص القاسية والصعبة بل المستحيلة، بينما الشركة الخاصة الوحيدة المرخصة حاليا،
فتم ترخيصها على تعليمات وشروط مرنة وعادلة، تم تغييرها وتعقيدها على غيرها!؟ في ظل أقسى ظروف الحظر والعقوبات على هذا القطاع
وعلى سورية!؟
إن
التعليمات والشروط الحالية في وزارة النقل، هي أصعب من أي شروط مطبقة في أي من دول
العالم (لا توجد دولة في العالم تطلب ٣ طائرات وعمرها أقل من ٢٠ سنة والحظر على أشده،
في حين أن الناقل الخاص الوحيد المرخص له، عمر الطائرات لديه أكثر من ٢٥ سنة، ومنها
٢٧ سنة، وبقي عشر سنوات حتى حقق شرط ٣ طائرات!!).. إجراءات معقدة وتفصيلية غامضة، بسببها
لم يتمكن أحدا من الترخيص، حيث بقي من العشرين شركة شركتان فقط تناضلان منذ ثلاث سنوات
وحتى تاريخه، ومازال الطريق مسدود أمامهما، في وقت يتقدّم قطاع الطيران في العالم بخطى متسارعة وثابتة نحو قيادة الاقتصاديات الوطنية،
وخاصة لمرحلة ما بعد النفط، من خلال زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للدولة،
بنسبة تصل إلى 15%، وذلك بعد الإنجازات والنجاحات التي حققتها صناعة الطيران، خلال
السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت نسبة المساهمة هذه إلى 20% (بعيدا عن أزمة كورونا).
يعتبر
قطاع الطيران من القطاعات الاستراتيجية الرئيسة التي تستهدفها الخطط الحكومية الساعية
لبناء اقتصادي قوي ومستدام، قائم على تنويع مصادر الدخل الوطني، وبناء اقتصاد ما بعد
النفط.
إن
المرونة في منح التراخيص لشركات الطيران المحلية تفتح أبواباً واسعةً من الفرص التجارية،
ووقف النزيف اليومي من الأموال والموارد الاقتصادية السورية إلى لبنان مثلا، حيث يسافر
عن طريق لبنان أضعاف الأعداد التي تسافر من سورية على الشركات المحلية!!
كما
إن قطاع الطيران يعتبر من المكونات الإستراتيجية الداعمة للنمو الاقتصادي، وقد عملت
الرؤية الحكيمة لقيادتنا على إرساء أسس البنية التحتية السليمة والأنظمة والاستثمارات
المناسبة لتوفير نواقل متميزة مرموقة للطيران إلى جانب الناقل الوطني، الذي اكتسب سمعة عالمية ساهمت في تدعيم الاقتصاد المحلي.
وأثبت
قطاع الطيران أنه عامل تحفيز أساسي للعديد من القطاعات الاقتصادية.
وبناء
على كل ما سبق وغيره، فالسؤال الكبير الذي لا مناص الإجابة الحقيقية عليه، وبكل صراحة
وشفافية ومنطق، هو: بأي منطق فانوني واستثماري نعمد إلى دعم شركة، بدلا من دعم الاقتصاد؟!
وهل بهكذا نهج يمكننا بناء سورية القوية!!؟
قسيم
دحدل