سيرياستيبس :
وائل علي
لم تكن سوق السياحة بمنأى عما ينتاب الأسواق عموماً من فوضى لا يعرف
بالضبط من يتحكم بتموجاتها وتقلباتها التي لم تعد تهدأ ولا تضبط وكأنها
أمواج بحرية بفعل تداعيات التضخم النقدي والهبوط الحاد لقيمة الليرة وتراجع
قوتها الشرائية وتقلبات أسعار الصرف اليومية!
ولعلّ ما تشهده محافظة طرطوس من موسم سياحي سجّل معدلات إقبال وأرقاماً
غير مسبوقة هو خير مثال في هذا المقام، فرغم التكاليف الباهظة لقضاء ليلة
سياحية واحدة لشخص أو شخصين في فندق شعبي أو من سوية النجوم أو في شقة
سكنية مفروشة أو شاليه بحرية عادية في النسق الخلفي ضمن مجمع للشاليهات أو
تلك المنتشرة على طول الشاطئ وعرضه، فقد بات من الصعب إيجاد حجز جديد في
مثل هذه الأماكن!
ولا يختلف الحال لمن اختار الأرياف والمنتجعات الجبلية التي تتوسطها،
لقضاء فسحة للسياحة، فكل الأماكن أغلقت حجوزاتها لنهاية موسم الصيف تقريبا،
حتى وجبة الإطعام شهدت ارتفاعات متلاحقة طالت كل شيء ووفرة في العروض بما
فيها “لبن العصفور” طالما أن هناك من يدفع وهنا المشكلة!.
لسنا ضد لكن مع الضبط
من الممكن تفهم ظروف المرحلة التي تعبر وتعصف في كل الميادين وطغيان مفهوم
“إن هبت رياحك فاغتنمها” لكن مهما يكن فإننا نعتقد أنه لا يمكن ترك الأمور
على غاربها، ولابد من إيجاد الوسيلة والطريقة للوصول لثقافة القناعة أن هذه
لي وهذه لك، دون انتظار “ثقافة الشكوى”، لاسيما في ميدان السياحة الذي له
ماله من خصوصية تميزه وتفصله عن الحالة التموينية البحتة فتجعل الزبون يكرر
الزيارة أو تجعله لن يعيدها فيقاطعها بالمجمل بتغيير وجهته داخل البلد أو
خارجه.
ما رأي مديرية السياحة؟
مدير سياحة طرطوس بسام عباس قدّر عدد زائري المحافظة الذين يرتادون المنشآت
والشواطئ بحوالي 100 – 120 ألف زائر شهرياً عدا إحصائية القدوم للزيارة
ليوم واحد من المجموعات السياحية والعائلات والأفراد، وعدا رواد الشواطئ
والمنشآت السياحية من أبناء المحافظة، إضافة لــ 50 ألف قدوم شهري عبر معبر
العريضة الحدودي.
ويبدو أننا لا نملك إحصائية دقيقة أو تقريبية – والكلام للمحرر – تبين
أعداد السياح والمصطافين الذين يؤمون المحافظة فتم أخذ معيار عدد الأسرّة
في المنشآت السياحية المرخصة والمؤهلة والمصنفة سياحياً من مختلف الأنواع
والسويّات – كما يقول عباس – والذي يقارب 5000 سرير، وتعمل وزارة السياحة
حالياً على إعداد الخطوط الأولى لعقد اتفاقية مع المكتب المركزي للإحصاء
لإجراء مسح شامل لكافة المحافظات للوصول لإحصائيات دقيقة عن طريق أخذ عينات
من المنشآت السياحية بمختلف أنواعها وتصنيفاتها والمعابر الحدودية
المختلفة التي نتوقع البدء بها العام القادم.
وعن عدد نزلاء الفنادق والمنتجعات السياحية ونسبة الملاءة والحجوزات منذ
انطلاق الموسم السياحي لتاريخه وأجور مبيت السويت والغرف المزدوجة والمفردة
بيّن مدير السياحة أنها تختلف من منطقة لأخرى وتبلغ حوالي 50% خلال أيام
الأسبوع لتصل خلال عطلة نهاية الأسبوع والأعياد والعطل الرسمية إلى 100 %
في بعض المناطق لاسيما المنتجعات الشاطئية وشاطئ الكرنك العائلي.
أما ما يخص أجور المبيت، فقال عباس أنهم يلتزمون بتعاميم وزارة السياحة لا
سيما القرار 1443 تاريخ 27. 6. 2022 الخاص بضوابط تقاضي بدل الخدمات
المقدمة في منشآت المبيت السياحية والإعلان عنها وتتضمن خدمات المبيت
والخدمات الأخرى والنسبة الإضافية البالغة 30% التي يتم إضافتها خلال
الموسم السياحي.
وأوضح مدير السياحة أن تكلفة الإطعام للشخص الواحد في المطاعم السياحية
تتحكم به تكلفة المواد الأولية الداخلة في الطبق المقدم يضاف إليها تكاليف
التشغيل الأخرى لاسيما تأمين حوامل الطاقة وأجور عمال ورسوم الخدمات
المختلفة، أما قوائم الأسعار “مينو” ومدى التقيد بها وفيما إذا كانت مفتوحة
ومتغيرة بحسب العرض والطلب ودور السياحة في ضبط هذه العملية قال: تقوم
لجان الضابطة العدلية والرقابة المشتركة بجولات رقابية على المنشآت
السياحية بنوعيها الوقائي والدوري للتأكد من الإعلان عن الأسعار بشكل واضح
ومراعاة الشروط الصحية والنظافة العامة وجودة الخدمة بما يتناسب مع السوية
التأهيلية للمنشأة وتنظيم الضبوط بحق المخالفين ، ومعالجة أي شكوى ترد
المديرية حول الأسعار بشكل عاجل وفق الأنظمة وتعليمات الوزارة.
فلتان الأسعار!
وعن الدور الذي تتولاه السياحة لضبط فلتان أجور الشاليهات التي تجاوزت أجرة
الليلة الواحدة في بعضها مليون ونصف المليون ليرة، وتجاوز أجرة طاولة مع
أربع كراسي الخمسين إلى مئة ألف ليرة/اليوم ضمن مفهوم السياحة الشعبية،
وكيفية التعامل مع هذه المعطيات والوقائع؟! أوضح “عباس” أنه بالنسبة
للشاليهات تختص مديرية السياحة بأسعار منشآت المبيت بكافة أنواعها
وتصنيفاتها بما فيها المصنفة سياحياً وتقع ضمن مجمعات مصنفة سياحياً، وفي
هذه الحالة يتم تصديق الأسعار وفق القرار رقم 1443، بما فيها أسعار الخدمات
والرسوم الإضافية المنوه عنها.
أمّا الشاليهات الخاصة التي تقع ضمن تجمعات تعاونية سكنية والإشغالات
المنظمة من قبل مجالس المدن والبلديات على الشواطئ فهي مسؤولية الوحدات
الإدارية ومديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي نظمت العقود،
ومستعدون لتقديم المساعدة لضبط وتنظيم الإشغالات ومعالجة أي شكوى بما يكفل
تقديم أفضل الخدمات للمواطنين والزوار بالشكل الأمثل.
لها حصة كبيرة!!
وبخصوص السياحة الشعبية يقول مدير سياحة طرطوس إن لها حصة واهتماما كبيرا
لدى وزارة السياحة ولفت لتجربة مشروع شاطئ الكرنك الرائدة على حد وصفه
فافتتحت مشروع شاطئ الكرنك العائلي بمرحلته الأولى من خلال الشركة السورية
للنقل والسياحة كمشروع تدخل إيجابي في قطاع السياحة الشعبية والشواطئ
المفتوحة الذي حظي بإقبال كبير بكبائنه الخشبية وموقعه المميز.
وبيّن أن هذا العام سيشهد توسعات أخرى باتجاه القسم الشرقي بعد أن تم توقيع
اتفاقية مابين الوزارة ومجلس مدينة طرطوس في الأشهر الماضية لإقامة مشروع
سياحي في القسم الشرقي من مخيم الكرنك بمرحلتيه الأولى والثانية.
ويشكل المشروع نقطة جذب سياحي وعلامة فارقة على خارطة الاستثمار السياحي في
المحافظة، كما يقول عباس، من خلال تقديم خدمات سياحية لرواد الشاطئ المخصص
للعائلات بأسعار منافسة فحددت تسعيرة الدخول للسباحة بـ 2000 ليرة للشخص
الواحد بدون طاولة وكراسي و5000 ليرة مع كراسي وطاولة مقابل تأمين خدمات
أخرى مثل الأدواش والمشالح وكافة المرافق العامة، أما بقية الخدمات
والطلبات الخاصة فهي اختيارية.
ووصف عباس هذه التسعيرة أنها بالكاد تكفي لتغطية أجور النظافة اليومية
والعمال والحراسة وفواتير المياه والكهرباء وحوامل الطاقة والصيانة الدورية
للبنية التحتية والمرافق العامة واعتبره مشروعا للتدخل الإيجابي من وزارة
السياحة في مجال السياحة الشعبية، ودعا الوحدات الإدارية والمنظمات
والنقابات للتعاون لتأمين شواطئ للسياحة الشعبية في مختلف البلديات
الشاطئية تخدم أعضاء النقابات والمنظمات كافة وباقي المواطنين.
وائل علي