واجهت دول الخليج أزمات مالية
كبيرة خلال العام الماضي. فبالإضافة إلى جائحة كورونا التي انعكست على
اقتصادات دول العالم أجمع، تأثّرت الأوضاع المالية في دول الخليج بالانخفاض
الحاد الذي شهدته أسعار النفط في منتصف ذلك العام، ما أدّى إلى زيادة
العجز في ميزانيات هذه الدول واضطر بعضها إلى استخدام أموال صناديقه
السيادية لتغطية العجز.
تعتمد
موازنات دول الخليج على بيع النفط بشكل أساسي. الجزء الأكبر من إيرادات
هذه الدول يأتي من عائدات النفط. لذا، فإن أيّ اهتزاز أو تقلّب في أسعار
النفط، ينعكس مباشرة على ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي. فمثلاً تمثّل
عائدات النفط في المملكة العربية السعودية 68% من الإيرادات المالية
العامة، فيما تمثّل هذه العائدات 80% من إيرادات المالية العامة في الكويت.
ولكن المشكلة الأكبر أن هذه البلدان بنَت ميزانيتها، التي تتضمن الإنفاق
على الدعم وتداعيات تثبيت سعر الصرف على الاستهلاك، في أول الثمانينيات حين
وصل سعر البرميل إلى 130 دولاراً. لذا تعاني هذه الدول من عجز مُزمن في
موازناتها العامة باستثناء فترات نادرة عندما يكون سعر البرميل أعلى من 100
دولار. وتُظهر أرقام وكالة ستاندر أند بورز، أنه بعد انخفاض سعر برميل
النفط عن 100 دولار في عام 2014، بدأت ميزانيات هذه الدول تعاني من عجز
كبير، وكلّما انخفض السعر كلّما غرقت في عجزها، وهذا الأمر بدا واضحاً مع
انخفاض سعر النفط بين عامي 2015 و2016، وأيضاً عندما انهارت الأسعار في
منتصف سنة 2020.
وتتوقّع ستاندر أند بورز، في تقرير صدر أخيراً عن تصنيف
دول مجلس التعاون الخليجي، أن يبلغ تراكم العجز في ميزانيات هذه الدول نحو
355 مليار دولار بين عامي 2021 و2024، بحيث تبلغ حصّة السعودية من قيمة
هذا العجز ما نسبته 60%، تليها الكويت بنسبة 25% والإمارات بنسبة 7% وعمان
بنسبة 4%.
تعاني دول الخليج من عجز مزمن في موازناتها العامّة، باستثناء فترات نادرة يكون فيها سعر البرميل أعلى من 100 دولار
ويقول
التقرير إن العجز الكلي في ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي لم يتدهور
في عام 2020 بالقدر ذاته الذي تأثرت فيه في عام 2016 عندما انخفض سعر
النفط. ويأتي ذلك رغم انخفاض متوسط سعر خام برنت إلى 42 دولاراً للبرميل في
عام 2020، مقارنة بسعر 44 دولاراً للبرميل في عام 2016، بالإضافة إلى أن
اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي تضرّرت من الصدمة التي شكّلها وباء
كورونا أيضاً.
كذلك، تشير البيانات إلى أنه في حين كان العجز المالي في
الكويت أكبر بكثير في عام 2020 مما كان عليه عام 2016، وكان عجز البحرين في
عام 2020 متماشياً بشكل عام مع نتائج عام 2016، شهدت دول مجلس التعاون
الخليجي الأخرى أداءً أقوى في ميزانياتها.
ويشير التقرير إلى أن العديد
من دول مجلس التعاون الخليجي تمكّنت من ضبط الإنفاق استجابة للصدمات
الخارجية المزدوجة لعام 2020، نظراً إلى العجز المالي الضخم في هذا العام.
كما حققت بعض هذه الدول نجاحاً في تنويع مصادر إيراداتها الحكومية بعيداً
عن النفط. وقد تم إدخال ضريبة القيمة المضافة (VAT) في السعودية والإمارات
العربية المتحدة في عام 2018، وفي البحرين في عام 2019، وسلطنة عمان في عام
2021. وكان التحول الإقليمي القوي في عام 2020، مقارنة بعام 2016، مدفوعاً
بشكل أساسي من قِبل المملكة العربية السعودية، حيث ارتفع معدل ضريبة
القيمة المضافة إلى 15% من 5%، وذلك لدعم الإيرادات الحكومية.
وتتوقع
الوكالة، أن تسجّل الكويت أعلى نسبة عجز حكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي،
بنسبة 20% في عام 2021، تليها البحرين والإمارات بنسبة 6%، والمملكة
العربية السعودية بنسبة 5%، وسلطنة عمان بنسبة 4%، وقطر بنسبة 1%. كما
تتوقع أن ينخفض العجز المالي خلال الفترة من 2021 إلى 2022 في هذه الدول،
ليتسع مرة أخرى في فترة 2023 - 2024 نظراً للافتراضات التي تضعها الشركة
لأسعار النفط، فضلاً عن التقليل التدريجي لإنتاج النفط بما يتماشى مع
اتفاقية أوبك+ في أيار 2021. فتفترض الشركة أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 60
دولاراً للبرميل في الفترة المتبقية من عام 2021 وفي عام 2022 أيضاً، و55
دولاراً للبرميل في عام 2023 وما بعده.