سيرياستيبس
كتب معد عيسى
تقدمت شركتان إيرانيتان بعرض لصيانة بعض مجموعات التوليد الكهربائية
البخارية مقابل الحصول على كميات من الفوسفات و توريد آليات لوزارة الموارد
المائية، هذا الأمر فيه الكثير من الإشارات حول عدم تفعيل مبدأ المقايضة
رغم كلّ الصعوبات التي يمرّ بها البلد، وإشارات أخرى حول تأمين السماد
للقطاع الزراعي!، فإذا كانت شركات تعمل في قطاع الكهرباء تطلب الفوسفات
فكيف سيكون الأمر مع معامل السماد؟ والمحزن في الأمر أن الشركات الإيرانية
هي من تقدمت بالطلب وليس بمبادرة من الجهات المحلية!
تفعيل المقايضة مع الدول الصديقة يُمكن أن يساهم بحل أهم مشكلتين يعاني
منهما المواطن، فالهند من أهم مُصنعي السماد في العالم وهي دولة صديقة
وزارت وفودها سورية وتم مناقشة موضوع تصدير الفوسفات إلى الهند، ولكن ليس
على مبدأ المقايضة لأنه لم تبادر جهة جامعة للجهات العامة لطرح الموضوع،
وكلّ جهة تطرحه من وجهة نظرها هذا أولاً، وثانياً طريقة تسعير الفوسفات
لدينا لا تشبه غيرها في العالم، فالتشكيك سيد الموقف، ونحن نريد أسعاراً
وكأننا نعيش ظروفاً مثالية وليس هناك منافس ولا أزمة وكل الدروب مفتوحة، مع
العلم أن المشتري للفوسفات المصري لا يترتب عليه نفقات عبور قناة السويس،
والفوسفات المغربي لا يحتاج لعبور، بل أن هيئة التسعير في المغرب تمنح
تخفيضات للمشترين كلما بَعدت المسافة، أما لجنة التسعير لدينا فهي محاطة
بكلّ أنواع التشكيك والرقابة اللاحقة ومن جهات معنية وغير معنية ، ولذلك لن
نستطع المقايضة ولا التصدير، وما على أعضاء لجنة التسعير إلا العمل بالمثل
الذي يقول: ” لا بدي نام بين القبور ولا بدي شوف منامات صعبة ”
مقايضة الفوسفات مع معامل السماد لا يؤمن حاجة القطاع الزراعي من السماد
فقط، بل يساهم بحلّ جزء من معاناة المواطن مع الكهرباء، فمعمل السماد
المتهالك والمُستهلك لكميات كبيرة من الغاز وبمردود قليل يُمكن توقيفه لحين
تحسن الظروف، وضخ الكمية التي يستهلكها لصالح محطات توليد الكهرباء،
وبالتالي يزيد كميات توليد الكهرباء بما يخدم كلّ القطاعات لاسيما وأن
الشركة المستثمرة للمعمل لم تف بالتزاماتها بتطوير المعمل ومضاعفة إنتاجه،
ولا بتسليم الإنتاج.
الشركة الإيرانية أتت إلى سورية لتبحث عن حلّ لمشكلة يعاني منها بلدها فيما
تنتظر الجهات المعنية لدينا أن يأتي الآخرون إلينا لنتحفهم بشروط لم نكن
لنطلبها قبل سنوات الأزمة.
المقايضة مبدأ تجاري ناجح ويشكل مخرجاً مهماً لكثير من معاناتنا، ولذلك يجب
أن يتمّ تشكيل فريق فني وتحديد المنتجات التي يُمكن أن نقايضها، وتحدد
الدول التي يُمكن أن نتوجه إليها، وأن تكون قراراتها محمية من كلّ أشكال
التشكيك، وإمكانية الملاحقة و التعامل مع نتائج عملها وليس في الطرق التي
تسلكها ، فنحن في ظرف استثنائي ويحتاج إلى عمل استثنائي وأحياناً لتفويضات
تتجاوز بعض الإجراءات الإدارية والقانونية لأن كلّ ما نعيشه ونعمل به
ونتعرض له استثنائياً.