كتب الاعلامي معد عيسى
ما يزال وضع الكهرباء يلقي بظلاله على المجتمع السوري بكافة قطاعاته على
أمل أن تتحسن الأمور مع تحسن الطقسة ووضع المشاريع الجديدة بالخدمة، ولكن
هذا الأمل وتحققه يحتاج بداية للإعتراف بمواقع الخلل في هذا القطاع، ولو
أجرينا مقارنة بسيطة بين ما يُنتج اليوم من كهرباء وما كان يُنتج قبل
الأزمة لتوصلنا لنتيجة أن هناك خلل كبير في قطاع التوليد، فمثلاً بكميات
الوقود التي كانت تحصل عليها الكهرباء قبل الأزمة وهي 18 مليون متر مكعب من
الغاز و8 آلاف طن فيول كانت تولد 8000 ميغا، أما اليوم فالكهرباء تحصل على
8.5 مليون متر مكعب من الغاز و7 آلاف طن فيول أي ما يعادل 54 % مما كانت
تحصل عليه قبل الأزمة وعليه يجب أن تكون كمية التوليد أكثر من 4000 آلاف
ميغا فيما الواقع لا تتجاوز الكمية المولدة أكثر من 3000 ميغا بما يشير إلى
فاقد كبير بالتوليد ومثله بالنقل والتوزيع وهذا شيء طبيعي بظل تقادم
الشبكات ومجموعات التوليد ولكن ذلك لا يمنع من طرح عدة أسئلة عن غياب
الدارات المركبة ومردود مجموعات التوليد و الصيانات التي تمت على مجموعات
التوليد .
القلق يمتد لقادم الأيام مما يجري الحديث عنه في موضوع الإستثمار في قطاع
التوليد، والسؤال لماذا تذهب المصارف لتمويل المستثمرين لإقامة مشاريع في
مجال الطاقات المتجددة ؟ أليس من الأفضل تمويل مشاريع وزارة الكهرباء
مباشرة؟.
كلّ التسهيلات التي قُدمت لأحد المستثمرين منذ أشهر لإنشاء محطة توليد
شمسية في حلب لم يقابلها من المستثمر أي عمل على الأرض وهو ما زال ينتظر
التمويل والسؤال، إذا كانت الدولة تقدم التسهيلات والتمويل فما الذي سيقدمه
المستثمر؟ أليس من الأفضل أن تنطلق وزارة الكهرباء بعدة مشاريع طاقات
متجددة ولاسيما الريحية بتمويل من المصارف بدل أن يُعطى التمويل لشخص ليس
لديه ما يُقدمه ؟ والسؤال الأهم: كم تتحمل خزينة الدولة لدفع قيمة الكهرباء
المشتراة من المستثمرين؟
قطاع الكهرباء قطاع حكومي بامتياز، فيما التوليد الخاص يكون في إطار
التبادل بين المستثمرين ووزارة الكهرباء، يُعطون كهرباء في النهار للدولة
ويستجرون منها في الليل دون أن تتحمل الخزينة أية مبالغ وفي تجربة الأردن
الجارة تظهر مرارة نمط الشراء، فيما تظهر في تجربة الإمارات النموذج الناجح
لعملية التبادل.
ستبقى الوعود انفراجات ما زالت عقلية التوليد تعمل بهذا النمط الذي خيب كلّ
الآمال وضيّع كلّ الجهود الجبارة لفنيي وخبرات الكهرباء الذين ترفع لهم
القبعة.
|