سيرياستيبس إخلاص علي أخذت ظاهرة الأمبيرات بالانتشار بشكل واسع في عدة محافظات انطلاقاً من
حلب مروراً باللاذقية وصولاً إلى دمشق، وإن كان الأمر قد ظهر إلى العلن في
حلب نتيجة الظروف التي مرّت بها المدينة جرّاء الإرهاب والحصار الذي تعرضت
له، إلا أنه لم يظهر في بقية المحافظات بشكل علني وواضح حتى اليوم، وإنما
تمّ الاعتراف به بطريقة مختلفة تتعلّق بتجهيز المواقع وتركيب المولّدات
الكهربائية وتمديد الخطوط والحالة الفنية والبصرية وامتلاك المستثمر فريقاً
مختصاً من مهندسين وفنييّن من ذوي الخبرة والاختصاص في مجال الكهرباء
إضافة إلى شروط أخرى مثل إلزام المستثمر بتغذية كل المباني العائدة لمحافظة
دمشق ومراكز خدمة المواطن القريبة من المولدات، وإنارة الطرقات الواقعة في
محيط مراكز التوليد في أوقات التشغيل وإلزام المستثمر بتوظيف ما بين 5 إلى
10 بالمئة من العمال من الجرحى أو ذوي الشهداء.
*خدمة غير مُسعّرة
خلال متابعتنا للموضوع ولاسيما في محافظة ريف دمشق أكد عدد من المشتركين
بالخدمة ممّن التقيناهم أنهم يدفعون فواتير أسبوعية مرتفعة جداً لخدمات
بسيطة (إضاءة وشاشة ومروحة) حيث تصل الفاتورة شهرياً لأكثر من 500 ألف وفي
حال تشغيل الغسالة والبراد تتجاوز التكلفة المليون، كما تحدث البعض عن
رفعٍ مستمر للفواتير وأحياناً بشكل أسبوعي في ظل غياب أي جهة معنية لضبط
الأمر.
أمر واقع..
هذا الكلام توجّهنا به للمعنيين بمحافظة ريف دمشق حيث أكد لنا رئيس مجلس
محافظة ريف دمشق الدكتور إبراهيم جمعة أن موضوع الأمبيرات بدأ يأخذ شكله
التنظيمي بحكم أنها أصبحت أمراً واقعاً وتلبّي حاجات المواطنين ووفقاً
للقانون رقم ١٠٧ يحق للمحافظة والوحدات الإدارية تنظيم أي عمل أو مهنة في
حال لم تكن منظّمة من قبل الجهات الحكومية المركزية وعليه فقد تم بالتنسيق
مع المحافظ والمكتب التنفيذي التوجّه لوضع شروط وأسس خاصة بموضوع الأمبيرات
وضبطها وفق معيار محددة لكافة الوحدات الإدارية.
وعليه تُعلن الوحدات الإدارية عن القطاعات المقترحة لتراخيص الإشغال ثم
يتقدّم الراغبون بطلبات الترخيص مع الأوراق الثبوتية وبعد قبول الطلب يضع
المتعهد المولدة الكهربائية في الموقع المحدّد بعد استكمال الشروط الفنية
اللازمة.
وتابع جمعة بالقول: إنه بعد الاستعانة بتجربة مدينة حلب تبيّن لنا عدم
وجود عقد يضمن حق المشترك وبالتالي تم طرح عقد للاستثمار بين المتعهد
والوحدة الإدارية وآخر بين المتعهد والمشتركين وتم عرض الموضوع على مجلس
المحافظة وأخذنا الموافقة على الشروط والآلية وفكرة العقد، وشكّلنا لجنة من
الحقوقيين بمجلس المحافظة لإعداد نموذج لعقد الاستثمار وتم إرسال نسخة من
القرار إلى المحافظ وصدر أمر إداري حدّد كل الشروط والمعايير الفنية
والإدارية والقانونية، مبيناً أنه تمّ تشكيل لجان للكشف على المنشآت
الصناعية ( كم تحتاج من مادة المازوت وماذا لديها من تجهيزات ومولدات)
وكذلك الكشف أيضاً على المولدات (استطاعتها، وكم تستهلك بالساعة، وعدد
ساعات عملها) ووفقاً لذلك يتم تحديد الكمية.
لافتاً إلى أنه سيتم تزويد المولّدات الكهربائية بمادة المازوت بسعر
التكلفة وفق التعليمات الناظمة وذلك بعد إجراء كشف فني من قبل لجان الكشف
المختصة في المحافظة.
شكاوى..
وعن الجهة المعنيّة بتلقي الشكاوي في حال تضرّر البعض قال: على المتضرر
التوجّه إلى الوحدة الإدارية لتقديم شكواه باعتبار أن من ضمن الشروط
الواردة في العقد أنه على المستثمر الالتزام بالتعليمات التي تصدر من
الوحدة الإدارية والتي من حقها سحب الترخيص في أي وقت إذا اقتضت المصلحة
العامة.
آلية التسعير..
بدوره عضو المكتب التنفيذي لقطاع التجارة الداخلية والمحروقات عمران
سلاخو قال حول آلية تسعير الأمبيرات: دائرة الأسعار بمديرية التجارة
الداخلية تطلب بيان تكلفة لكل خدمة أو منتَج يتضمن أجور التشغيل وكافة
النفقات من (محروقات – كهرباء) كما يتم التأكد من صحة البيان المُقدّم من
قبل صاحب المنشأة مبيناً أنه لكل منتج نسبة ربح لجميع الفعاليات حسب كل
سلعة أو خدمة نافياً وجود صك تشريعي يقضي بالتسعير للأمبيرات.
وحول سؤالنا عن دور وزارة الكهرباء في التسعير بما أنها تقدّم خدمة مماثلة
أشار سلاخو إلى أهمية التنسيق مع وزارة الكهرباء بهذا الخصوص. لافتاً إلى
أنه تمّ تشكيل لجنة على مستوى مجلس المحافظة لدراسة هذا الأمر تضم كل
الأطراف ذات العلاقة.
حل مرِن ومؤقت..
الدكتور زياد عربش عضو الهيئة التدريسية بكلية الاقتصاد بجامعة دمشق
والخبير في قطاع الطاقة قال إن الأمبيرات بالتعريف نظرياً هي حل
جزئي (جغرافياً وزمنياً) بمعنى منطقة صغيرة نسبياً لا تصلها الشبكة
الحكومية أو غير الحكومية في الدول التي ليس لديها احتكار وحيد أو حكومي أي
مسموح للقطاع الخاص بالدخول بمقاطع محددة من عملية إنتاج أو نقل أو توزيع
الكهرباء فتصبح عملية توليد الطاقة الكهربائية من المازوت أو الفيول أو حتى
الغاز في بعض الدول حلاً يساعد على تأمين التغذية لهذه المنطقة.
مضيفاً: نظرياً تكاليف التوليد وإيصال الكهرباء من المحطات الكبيرة إلى
المستخدم النهائي (خدمي أو سكني) أقل من التوليد من خلال الأمبيرات لكن شرط
توفّر كمية الإنتاج وقرب المستهلك من الشبكة لكن إذا لم تكن هناك تغذية
مستمرّة من الشبكة الرئيسية أو في حال بُعد المستهلك عنها فتصبح الأمبيرات
عملية وأقل تكلفة.
وتابع عربش: في بلدنا الذي يعاني بالمجمل من نقص جوهري بالعرض مقارنة
بالطلب (الحالي والفعلي والكامن) وعدم إمكانية صيانة الشبكة التي خرّبتها
المجاميع التخريبية وفي مناطق عديدة جعل من الأمبيرات حلاً مرناً يأخذ طابع
الديمومة بدل أن يكون مؤقتاً.
رهن المتغيرات..
أخيراً ومن خلال متابعتنا لموضوع الأمبيرات يبدو أن الموضوع أصبح أمراً
واقعاً يسلك طريقه إلى التنظيم، ولكن وإن كان متاحاً نظرياً للجميع فإنه
سيبقى حكراً على شريحة ليست واسعة بسبب فواتيره المرتفعة، كما أنه سيدفع
بالكثيرين للتوجّه للطاقات المتجددة في حال كان هناك قروض تغطي تكاليف
تركيب منظومة تقدم نفس الخدمة، لأن قروض الطاقات المتجددة للاستخدام
المنزلي المُحدّد ب 20 مليون ليرة لم يعد كافياً لتركيب منظومة طاقة
منزلية، والأمر بمجمله يبقى أخيراً رهن بمجموعة تطورات مثل تحسّن سعر الصرف
وسقف القروض وتحسّن ساعات التغذية الحكومية بالتيار الكهربائي .
|