سيرياستيبس
كتب الإعلامي علي عبود :
ننصح الجميع، وخاصة ملايين العاملين بأجر، بالتوقف عن المطالبة بزيادة
ساعات وصل التيار الكهربائي، ولا بأس أن يُوجّه الآلاف منهم برقيات شكر
لوزارة الكهرباء أو للحكومة لحثها على زيادة مدة التقنين أكثر فأكثر!.
ونصيحتنا جدية جداً، وليست سخرية من أوضاع الناس التي تعاني الأمرّين من
انعدام وسائط الإنارة والتدفئة في عزّ الشتاء، فلو زادت ساعات “الوصل”
قليلاً لاكتشفوا أنهم، بعد “الرفع” الأخير لقيم الاستهلاك المنزلي، في عام
2021، غير قادرين على تسديد فاتورة تقتصر على ست ساعات “وصل”، مثلاً!.
لا نبالغ على الإطلاق بالقول إن عودة حال الكهرباء إلى ماكانت عليه سابقاً،
أي 24/24، سيوقع الأسر السورية في عجز مالي، وستضطر إلى تقنين استخدام
الكهرباء ذاتياً أي اختيارياً، وليس قسرياً، فهم لم يشعروا حتى الآن بآثار
زيادة تعرفة استهلاك الكهرباء منذ عامين بفعل التقنين القاسي، وربما
المتعمّد!.
وإذا كان وسطي قيمة فاتورة الكهرباء حالياً بحدود 5 آلاف ليرة مقابل ثلاث
ساعات “وصل”، فهذا يعني أن قيمة الفاتورة لن تقلّ عن 40 ألف ليرة في حال
“الوصل” الدائم، وضمن الشريحة المدعومة حصراً، أما إذا تجاوز الاستهلاك
الحدّ الأدنى المدعوم فسيسدّد المستهلك فاتورة تتجاوز دخله الشهري!
هل نبالغ بوصف الواقع في حال زيادة ساعات “الوصل”؟
أبداً، لقد كشف مدير مركزي في وزارة الكهرباء، في بداية عام 2022، عندما
كانت ساعات “الوصل” مقبولة إلى حدّ ما، التالي: “إن معظم المستهلكين الذين
استهلكوا 1500 كيلو واط وصلت قيم فواتيرهم بعد التعرفة الجديدة إلى حدود 16
ألف ليرة بدلاً من 6100 ليرة حسب التعرفة السابقة، في حين من استهلك ألفي
كيلو واط بلغت قيمة فاتورته 77500 ليرة بدلاً من 12 ألفاً حسب التعرفة
السابقة، في حين وصلت قيمة الفاتورة ذات الاستهلاك 2500 كيلو واط إلى 130
ألف ليرة بدلاً من 18 ألف ليرة!
ونستنتج من هذا التصريح الرسمي أن الزيادة في قيمة الفواتير تراوحت من 2.6
إلى 7.2 أضعاف عن قيمة الفواتير السابقة، مقابل ساعات وصل محدودة، بل إن
بعضها تجاوزت الـ 500 ألف ليرة!
ونؤكد أنه لولا التقنين القاسي لعانى ملايين السوريين من فواتير تشفط الجزء
الأكبر من دخلهم، وبالتالي ننصحهم بالكفّ عن المطالبة بزيادة ساعات
“الوصل” لأن القادم أعظم!
نعم، هو أعظم، لأن مسؤولاً في وزارة الكهرباء بشّرنا منذ أيام بوجود دراسة
يتمّ بحثها لرفع تعرفة الكهرباء للاستخدامات المنزلية مع “وعد” بأنها ستكون
أقل من التكلفة!
ماذا يعني الرفع الجديد لقيم استهلاك الكهرباء المنزلية بأقل من التكلفة؟
هي قطعاً ستقترب من عشرة أضعاف مثيلتها ما قبل عام 2022، ولكن طالما
التقنين “شغّال”، وساعات “الوصل” لن تتجاوز الثلاث ساعات يومياً، فلن يشعر
المواطن بفارق كبير بزيادة قيم الفواتير. ولكن في حال زيادة “الوصل” إلى 12
ساعة، مثلاً، فإن ملايين الأسر السورية لن تقوى على تسديد الفواتير!
ومن السخرية، والاستخفاف بالعقول، قول العديد من المسؤولين في وزارة
الكهرباء إنه لا بدّ من تصحيح التعرفات للحفاظ على بقاء قطاع الكهرباء
قادراً على تقديم الخدمة، فعن أيّ خدمة يتحدثون طالما أن أيّ فاتورة
يبرّرون رفع قيمتها تتجاوز طاقة دخل ملايين السوريين؟
الخلاصة: تعرف وزارتا الكهرباء والنفط جيداً أن رفع أسعار حوامل الطاقة لن
يؤثر بتاتاً على الفعاليات التجارية والاقتصادية والخدمية، سواء أكانت تتبع
لجهات عامة أم خاصة، فالكل سيضيف الزيادة وأكثر على المنتج النهائي
المطروح للبيع، أيّ أن المستهلكين، وخاصة ملايين العاملين بأجر، هم من
سيسدّد الزيادة لوزارتي الكهرباء والنفط، بالإضافة لفاتورة الاستهلاك
المنزلي، حيث يؤكد الواقع أن دخلهم لا يتناسب بتاتاً مع المطالبة بزيادة
ساعات “الوصل”!!