نضال حيدر* يريدون منك أن تصدق بـ«منتهى الطيبة» بل وربما «السذاجة» أن ما حدث في طرابلس، وامتدادا في مخيم «نهر البارد» هو مجرد «تحليق خارج السرب» والمدهش أن الجميع نفضوا أيديهم؛ من مجموعة الخونة والمارقين؛ الكافرين باللقمة المقسومة بين الأفواه؛ و«العيش المشترك» الذي أُريدَ لهُ أن «يُنحَرَ» على مذبح «صهاينة» السياسة، والحالمين بكراس على «قدِّ» حجومهم....
إن ما حدث وما يحدث؛ لا يستهدف في جملة ما يستهدفه منطقة الحدث فحسب، بل يتعداها في «تردداته» ليصل إلى أماكن لا تخطر على بال... فالتنظيم الإرهابي الذي أطلق على نفسه تسمية «فتح الإسلام» أثبتت الوقائع أن الإسلام بريء منه ومن أتباعه ومريديه، بريء من الأسلوب الإجرامي «الرفيع» الذي يعمد إلى التمثيل بالجثث والنحر في السرير، وما إلى هنالك من أساليب لا تمت إلى الإنسانية بصلة....
توقيت تحرك المجموعة الإرهابية مريب، وأهدافها التي باتت معلنةً، لا تعدو كونها جزءاً من مشروع ضخم، يراد من خلاله إثارة الفوضى «غير البناءة» في لبنان؛ وتأزيم الأوضاع فيه، استدعاءً للتدخل الأجنبي الذي باتت ملامحه واضحة للعيان، من خلال «الغيرة المفاجئة» التي تبديها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تسارع إلى «التأكيد» على دعمها للجيش اللبناني ولـ«الحكومة» اللبنانية!!....
منذ متى هذا الاهتمام الأمريكي بالجيش اللبناني؟!.. وأين كانت الولايات المتحدة حين استهُدِفَ لبنان الدولة والمؤسسات والجيش والمقاومة، في عدوان «تموز/يوليو» من العام المنصرم؟!..
إن المستهدف الأساسي في هذه الحملة «المنظمة» هو الجيش اللبناني، هذه «المؤسسة الوطنية» التي طالما نأت بنفسها عن الخلافات والاختلافات السياسية، التي يتحمل منتسبوها وقيادتها اليوم أعباءً فوق طاقاتهم، وهم الموزعون على حدود «كيان غاصب» يترصد وحدة وطنهم وسلمه الأهلي، وبين حدود جارة أراد بعض «دهاقنة» السياسة الوالغين في الدم والإجرام ومخططات التقسيم؛ فصم عرى علاقاتها الوثيقة مع لبنان الأخضر «العربي الوجه واليد واللسان»... وبين مخيمٍ كان نهرهُ «بارداً» منذ بعض الوقت، إلى أن عمد «الإنعزاليون الجدد» إلى جعله «ساخناً» بالدم المُرَاقْ والنار والبارود، إضافة إلى تحمله الأعباء الأمنية على امتداد المدن والقرى والبلدات اللبنانية...
أليس مريباً أن تتعزز جهوزية تنظيم لم يمر على إعلان ولادته «المشبوهة» عدد قليل من الشهور؛ في ظل صمت وتواطؤ الأجهزة الأمنية الخاضعة لنفوذ الفئة الحاكمة في لبنان، التي تسعى لحرف لبنان عن انتمائه القومي، واستبدال المسميات المنطقية السائدة، إلى حد أن بعض «موتوري» هذه السلطة؛ باتوا يجاهرون بالقول إن لوطنهم لبنان «جارين»!!.. الآن تتساوى سورية العربية الرائدة في مواقفها، والبعيدة عن كل الشبهات؛ والمخلصة لأبناء العروبة، تتساوى في الوصف مع محتل أثيمٍ غادر، ينتهك السيادة ويهدد الأمن والاستقرار ويسلب الأمان والاطمئنان... كل ذلك بغطاء لم يعد وجوده سراً، بعد أن كشف الصحفي الأمريكي «سيمور هرش» عن «العلاقة التي تربط دولاً عربية؛ وشخصيات من الفريق الحاكم بـ«فتح الإسلام» خصوصاً في ضوء قدرة التنظيم..».
إن ما يجري اليوم من أحداث مؤسفة، هو محاولة رخيصة ومشبوهة ومخطط لها، لإضعاف الجيش الوطني اللبناني وتقسيمه، واستحداث وظائف ليست من اختصاصه، وفي غير صالح رصيده الوطني المشرف، وذلك عبر جعله جزءاً من الصراع الداخلي، الأمر الذي سيفتح جروحاً كادت تندمل، ويعيد تحويل المخيمات إلى «بؤر توتر وتصعيد» تعيد إنتاج الفتنة التي هي بالأساس مشروع «أمريكي – صهيوني» بامتياز.
|