بقلم عبد القادر حصرية
لعدة عقود من القرن الماضي تم استخدام تعبير الإقتصادات النامية للإشارة إلى الدول التي كانت تعاني من التخلف الإقتصادي، وذلك بالمقارنة مع الدول المتقدمة إقتصادياً، وفي هذا التعبير تشجيع لتلك الدول على المضي قدماً في عملية التقدم والتحول إلى إقتصاد متطور. بعض الدول، وهي التي سميت فيما بعد بالإقتصادات الناشئة، نجحت في عملية التحول الإقتصادي وعبرت إلى مصاف الدول التي يمكن إعتبارها متقدمة إقتصادياً ومنها كورية الجنوبية وماليزيا وذلك بالرغم من وجود معوقات وعقبات كثيرة منها الصراعات الإقليمية وتدني الإمكانيات الإقتصادية لتلك الدول. لكن تلك الدول اعتمدت على تطوير اقتصادياتها وتحسين بيئة الأعمال فيها للإستفادة القصوى من إمكانياتها لجذب الإستثمارات الأجنبية وخاصة الشركات الصناعية الكبرى التي قامت بنقل صناعاتها إلى تلك الدول طمعاً في أسواق جديدة أو في يد عاملة رخيصة. وقد أظهرت التجارب أن الدول النامية تملك فرصة أكبر لتحقيق نموٍ أعلى لمعدل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من الدول المتقدمة ذلك أن الأخيرة قد وصلت إلى الطاقة القصوى في استخدام مواردها. ويكفي أن نعرف أن معدل دخل الفرد في كورية الجنوبية كان في العام 1971 يقارب 225 دولار أمريكي وذلك بعد عقد من النمو المطرد في الناتج المحلي الإجمالي بلغ 9%، وهذا الرقم كان في حينه يعادل ثلاثة أمثال دخل الفرد في الهند، بينما أصبح معدل دخل الفرد في كورية الجنوبية الآن 10000 دولار أمريكي.
الطريق إلى عملية التحول إلى إقتصاد ناشئ لها متطلبات كثيرة ومتعددة غايتها جذب الإستثمار الخاص المحلي والأجنبي لتحقيق التطور الإقتصادي. وتشكل التنافسية، التي تعبر عن قدرة البلد على تحقيق معدلٍ مرتفعٍ ومستمرٍّ لنمو حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، مؤشراً واضحاً على قدرة الدولة على جذب الإستثمار الخاص. لذلك تتنافس الدول في إصلاح إقتصادياتها لتزيد من قدرتهاالتنافسية.
لابد لعملية الإصلاح الإقتصادي في سورية أن تستفيد من تجارب الدول الأخرى ومن الوسائل التي استخدمتها تلك الدول لتحقيق قفزة في النمو الإقتصادي ومنها تطوير التنافسية. وبالرغم من أن سورية احتلت المرتبة 84 من أصل 128 دولة في تقرير التنافسية العربية 2007 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس»، إلا أن التقرير أشار إلى أن سورية تحتل مواقع متميزة من بين /128/ دولة في عدة مجالات، ويعتبر ذلك مؤشرا لنقاط القوة في الاقتصاد السوري ومزايا نسبية يمكن تحويلها إلى ميزات تنافسية تدعم النمو الإقتصادي. اليوم ومع صدور تقرير التنافسية العربية فقد أصبح من الممكن متابعة التقدم والتطورات في تنافسية الإقتصاد السوري ولا بد من وضع السياسات والاستراتيجيات الواجب تطبيقها لتعزيز القدرة التنافسية لتحسين بيئة الأعمال بما ينعكس نمواً إقتصادياً وتحريراً للقدرات الكامنة للإقتصاد السوري.
|