استطاعت الحكومة- يوم أمس- أن تعلن عن مفاجأة إيجابية تجاه القطاع العام، والصناعي تحديداً. وتأتي إيجابية هذه المفاجأة بمنحيين: الأول: أن الحكومة لم تعوّدنا- ومنذ زمن بعيد- على مفاجآتٍ
إيجابية، ولا سيما تجاه القطاع العام، الذي لا تدّخرُ جهداً في أن تكيل له
النقد والتجريح والاتهامات،وأن تعبر عن خيبة أملها في خساراته وأسلوب
إدارته، وأنه غير جدير لا بتطوير ولا بتحديث ، ومن هذا المنحى أخذت
الحكومة تُقلص فعلياً المشاريع الاستثمارية للقطاع العام الصناعي، وأعلنت
صراحة أنها لا تريد استثمارات إضافية جديدة، ولكنها قالت –وللأمانة- إلا
عن كانت الجدوى الاقتصادية من هذه الاستثمارات محققة. ورغم أنها لم تنسحب من هذا الكلام إلا ن "شكله" كان يُثير
الريبة، ويدفعنا نحو الشك بأن الحكومة تضع مقدمات لإيقاف دعم القطاع العام
الصناعي، فربطها متابعة الاستثمارات بمسألة الجدوى، لم نجده إلا مخرجاً،
يمكن أن يُخدِّر الطامحين بمزيد من الاستثمارات الحكومية، التي لا يزال
الملايين من هذا الشعب يثق فيها أكثر من صدقّية الاستثمارات الخاصة بمليون
مرة. غير أن تدشين التجمع الصناعي لمؤسسة التبغ يوم أمس وحضور السيد رئيس
مجلس الوزراء، وأربعة وزراء آخرين، الزراعة والصناعة والاقتصاد والدولة
لشؤون مجلس الشعب، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الآخرين، يعتبر برهاناً
أكيداً على صدقية الحكومة- هذه المرة- بأنها فعلاً تنوي دعم القطاع العام
الصناعي، ضمن حزمة شروطها التي يبدو أنها في مكانها. المنحى الثاني: هو أن الحكومة بهذه الصدقيّة، التي عبرت عنها
بالأمس أفضل تعبير، استطاعت أن توقف الجدل حول استمرار وعدم استمرار دعمها
للقطاع العام، فهي داعمة له بالتأكيد، واستطاعت أن تُحبط- إن لم نقل تفقأ
حصرمة في عيون من يجزمون ان القطاع العام لن يُدعم بعد اليوم، وهو ليس
أكثر من جسدٍ يحتضر. المفاجأة طيبة... وحبذا لو تقتنع الحكومة بزيادتها دائماً...
علي محمود جديد
|